ثانيهما الظاهر ان حجيّة البيّنة انّما هي بعنوان كونها من الأمارات الشرعيّة؛
لأن اعتبارها عند العقلاء انما يكون بهذا العنوان، و الظاهر ان الشارع قد عاملها معاملة العقلاء، فاعتبارها في الشرع ايضاً يكون بعنوان الامارة.
و على هذا فلو وقع التعارض بين البينة و بين الأصول الموضوعيّة، كما إذا كان مقتضى الاستصحاب بقاء خمرية المائع المشكوك، و قامت البيّنة على كونه خلّاً، أو كان مقتضى قاعدة الفراغ بناء على كونها من الأصول البناء على الصّحة مع الشك في الإتيان بالجزء أو الشرط أو ترك المانع أو القاطع، و لكن قامت البيّنة على الإخلال بما يعتبر وجوده، و على إتيان ما يعتبر عدمه، و لم يكن هناك ما يدل على الصحة كذلك، مثل قاعدة: لا تعاد، في الصلاة، فمقتضى تقدم الأمارات على الأصول و حكومة الاولى على الثانية كما قد حقق في الأصول، لزوم الأخذ بالبيّنة و الحكم بالخلّية في المثال الأوّل، و بالبطلان في الثانية.
و أمّا لو وقع التعارض بين البيّنة و بين اليد، فلا إشكال في تقديمها على اليد؛ لان عمدة تشريعها في باب التنازع و التخاصم انّما هو لإبطال التمسك باليد، فإن العمدة في تشخيص المدعي انّما هي لأجل كونه مدّعياً في مقابل ذي اليد و مريداً لأخذ ما في يده منه، و صاحب اليد ينكر و يدعي كونه مال نفسه، فالأخذ بالبينة ابتداء لقوله [1](ص) البينة على المدعي و اليمين على من أنكر، انّما هو لأجل تقدم البيّنة على اليد، و إلا فلو كانت البينة في عرض اليد أو متأخرة عنها، لا يبقى مجال لتقديم البيّنة و القضاء بنفع لصالح المدعى
[1] مستدرك الوسائل 17: 367 ب 3 من أبواب كيفية الحكم ح 5.