كما عرفت انه لا فرق في جريان السيرة بين ما إذا كان المخبر به حكماً أو موضوعاً، بل مورد آية النبإ هو الاخبار بالموضوع الخارجي و هو ارتداد بني المصطلق، و عليه فلا بدّ من البحث في ثبوت المانع عن شمول الأدلّة لخبر الثقة في الموضوعات الخارجيّة، لا في وجود المقتضى للاعتبار و عدمه، و قد عرفت ثبوت المانع، و هي موثقة مسعدة بن صدقة الدالّة على الرّدع و عدم الاكتفاء بالواحد بدلًا عن الاثنين، و بالوثاقة بدلًا عن العدالة.
أوّلًا: ان مجرد الاخبار عن الاجتهاد لا يكون اخباراً عن الحكم الكلّي الإلهي و لو بنحو المدلول الالتزامي؛ فإن الاجتهاد بمجرده الذي يرجع الى ثبوت الملكة و تحقق القدرة لا يلازم الحكم ما لم يتحقق منه الاستنباط خارجاً، فإنه يمكن ان لا يتحقق من المجتهد استنباط أصلًا، و إن كانت الملكة موجودة فيه، و عليه فكيف يكون مجرد الاخبار عن الاجتهاد اخباراً عن الحكم الإلهي؟ و كيف يمكن دعوى ثبوت الملازمة و تحقق المدلول الالتزامي، كما هو غير خفيّ.
و ثانياً: يكفي في الفرق بين الاخبار عن الاجتهاد و اخبار زرارة مثلًا عن قول الامام (ع) ان اخبار زرارة يكون اخباراً عن الحكم و حاكياً له بحيث لا يرى الموضوع الخارجي و هو قول الامام (ع) واسطة أصلًا، و أمّا الاخبار عن الاجتهاد فلا يتجاوز عن المخبر به و لا يعدّ اخباراً عن الحكم بوجه، و كيف يكون اخباراً عن الحكم مع انه ربما لا يكون المخبر عالماً بوجود رسالة لمن يخبر عن اجتهاده فضلًا عن الأحكام الموجودة فيها، فالإنصاف ان اقامة الدليل على اعتبار خبر الثقة في الموضوعات الخارجية من هذا الطريق مشكلة، لو لم تكن ممنوعة كما عرفت.