و هذه الرواية هي العمدة في التّوهم المذكور و وجه استفادة الأصلية منها: ان قوله (ع) كل شيء لك حلال إلخ، ظاهر في ان الحكم بالحليّة مترتب على الشيء الذي شك في حليته و حرمته، فموضوع الحكم الشيء المشكوك بوصف كونه مشكوكاً، و من المعلوم ان هذا شأن الأحكام الظاهريّة و الأصول العملية؛ إِذ انّها قواعد مجعولة للشاك بما هو شاك، و أمّا الأمارات فمرجع اعتبارها إلى إلغاء احتمال الخلاف و جعله كالعدم، و بالجملة لا إشكال في ان هذه العبارة تدل على أصالة الحلية في مورد مشكوك الحلية، و حينئذ نقول: انه بعد بيان هذه القاعدة الكلية قد بيّن في الرواية بعض مصاديقها التي من جملتها الثوب المشتري الذي يحتمل ان يكون سرقة و العبد المبتاع الذي يحتمل ان يكون خدع فبيع، و من المعلوم ان انطباق تلك القاعدة على هذا القبيل من الأمثلة لا يكاد يتم الّا مع اعتبار اليد أصلًا، و إلا فلو كانت أمارة معتبرة عند الشارع لا تكاد تنطبق القاعدة المذكورة في الصدر عليها أصلًا، كما هو أوضح من ان يخفى.
و يرد عليه: انه لا بد و إن تحمل الأمثلة المذكورة في الذيل على أنها انّما اتى بها بعنوان التنظير و التمثيل، لا بعنوان بيان بعض المصاديق، و إلا فلو كانت تلك الأمثلة من مصاديق أصالة الحلية التي دل على اعتبارها قوله (ع) في الصدر: كل شيء هو لك حلال .. لأمكن المناقشة في الكلّ بعدم كون شيء منها مجرى لأصالة الحلية، لوجود أصل حاكم عليها مخالف لها أو موافق، كاستصحاب عدم تحقق الملكية بالنسبة للثوب و المملوك في
[1] الوسائل أبواب ما يكتسب به، الباب الرابع، حديث 4.