و الثّاني: إنّا نرى أنّ الشّارع لم يرض لنا في بعض التّكاليف، بأدنى مشقّة كما نشاهد في أبواب التّيمم، و نرى عدم السّقوط في كثير منها بأكثر من ذلك.
و كذلك الكلام في الضّرر المنفي» إلى ان قال: «و الّذي يقتضيه النّظر بعد القطع بأن التّكاليف الشّاقة و الضّارة واردة في الشّريعة:
أنّ المراد بنفي العسر و الحرج و الضّرر: نفي ما هو زائد على ما هو لازم لطبائع التّكاليف الثّابتة بالنّسبة إلى طاقة أوساط النّاس المبرئين عن المرض و العذر الذي هو معيار مطلقات التّكاليف، بل هي منفيّة من الأصل إلّا فيما ثبت و بقدر ما ثبت.
و الحاصل أنّا نقول: انّ المراد أنّ اللّه تعالى لا يريد بعباده العسر و الحرج و الضّرر، إلَّا من جهة التّكاليف الثّابتة بحسب أحوال المتعارف الأوساط وهم الأغلبون فالثّاني منفي سواء لم يثبت أصله أصلًا، أو ثبت و لكن على وجه لا يستلزم هذه الزّيادة.
ثمّ إنّ ذلك النّفي: إمّا من جهة تنصيص الشّارع كما في كثير من أبواب الفقه، من العبادات و غيرها كالقصر في السّفر، و الخوف في الصّلاة، و الافطار في الصّوم و نحو ذلك، و أمّا من جهة التّعميم كجواز العمل بالاجتهاد لغير المقصّر في الجزئيّات كالوقت، و القبلة و نحوهما، أو الكلّيات كالأحكام الشرعيّة للعلماء» انتهى ما لخصناه من كلامه.
وقد فهم منه الفاضل النراقيّ قدس سره، كون القاعدة عنده من قبيل الأصل العمليّ، حيث قال بعد نقله: «و المستفاد ممّا ذكره أنّ قاعدة نفي العسر و الحرج من باب أصل البراءة دون الدّليل، و يكون مقيّداً بغير التّكاليف الثّابتة، فتكون قاعدة نفي العسر و الحرج من قبيل كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي، و نحوه» [1]. انتهى كلامه.
و لا يخفى ما في الاستفادة من التّأمّل و النّظر.
[1] عوائد الايام 63: عائدة 4 البحث التاسع قوله: و اما الثاني، الفوائد: 190.