فنقول: الفاعل [1]: إمّا أن يؤثّر في العدم السابق و هو محال؛ لأنّ
ذلك العدم نفي محض. و الأثر الحاصل من الفاعل أمر ثابت، و الأمر الثابت لا يكون
نفيا محضا.
[2]: و إمّا أن يؤثّر في كون ذلك الوجود مسبوقا بالعدم، و هو أيضا
محال؛ لأنّ كون هذا الوجود مسبوقا أمر واجب له؛ لأنّ كون
[1] هذا الوجود متى حصل فإنّه يجب لذاته أن يكون مسبوقا بالعدم، و
الواجب لذاته يستغني عن المؤثّر.
[3]: و إمّا أن يؤثّر في الوجود الحاصل، و هو الحقّ.
فثبت [2]
أن المتعلّق بالفاعل هو الوجود، و لمّا كان لا تأثير للفاعل إلّا في الوجود و
الوجود لا يختلف باختلاف ذلك الفعل دائما أو متجدّدا، وجب أن لا يمتنع دوام الفعل
بدوام الفاعل. هذا تمام تقرير هذا البرهان و لنرجع إلى شرح لفظ الكتاب.
قوله: «و اعلم أنّ الفاعل الذي يفيد الشيء وجودا بعد عدمه يكون
لمفعوله أمران».
قد ذكرنا أنّ الأثر الحادث الصادر عن الفاعل له ثلاثة أمور، و هكذا
ذكره الشّيخ في سائر كتبه، و اقتصر في هذا الكتاب على أمرين: