و ينفعهم في المعاد أيضا [1] منفعة عظيمة فيما ينزّه به أنفسهم على ما عرّفته. و أمّا الخاصة
فأكثر منفعة هذه الأشياء إيّاهم في المعاد. فقد قرّرنا حال المعاد الحقيقي و
أثبتنا أنّ السعادة في الآخرة مكتسبة بتنزيه النفس، و تنزيه النفس تبعيدها عن
اكتساب [2] الهيئات البدنية المضادة لأسباب
السعادة.
و هذا [3]
التنزيه يحصل بأخلاق و ملكات. و الأخلاق و الملكات
[4] تكتسب بأفعال من شأنها أن تصرف النفس عن البدن و الحسّ، و تديم
تذكّرها [5] المعدن
[6] الذي لها [7]، فإذا كانت كثيرة [8] الرجوع إلى ذاتها لم تنفعل من الأحوال البدنية.
و ممّا يذكرها ذلك و يعيّنها عليه أفعال متعبة و خارجة عن عادة
الفطرة [9]، بل هي إلى
[10] التكلّف، فإنّها تتعب البدن و القوى الحيوانية، و تهدم إرادتها من
الإستراحة و الكسل، و رفض العناء [11] و إخماد