و اعلم أنّ السبب في الدّعاء منّا أيضا و في الصدقة و غير ذلك و
كذلك حدوث الظلم و الإثم إنّما يكون من هناك؛ فإنّ مبادي جميع هذه الأمور تنتهي
إلى الطبيعة و الإرادة و الاتفاق.
و الطبيعة مبدؤها من هناك، و الإرادات الّتي لنا كائنة بعد ما لم
تكن، و كلّ كائن بعد ما لم يكن فله علّة، و كلّ إرادة لنا فلها علّة، و علّة تلك
الإرادة ليست إرادة متسلسلة في ذلك إلى غير النهاية، بل أمور تعرض من خارج أرضية
أو [1] سماوية، و الأرضية تنتهي إلى
السماوية، و باجتماع [2]
ذلك كلّه يوجب وجود الإرادة.
فأمّا [3]
الاتفاق فهو حادث عن مصادمات هذه، فإذا حلّلت الأمور كلّها استندت إلى مبادئ
إيجادها ينزل من عند اللّه تعالى.
[في معنى القضاء و القدر]
و القضاء من [4] اللّه سبحانه [5] هو الوضع الأول البسيط.
و التقدير هو ما يتوجّه إليه القضاء على التدريج، كأنّه موجب
اجتماعات من الأمور البسيطة الّتي تنسب من حيث هي بسيطة إلى القضاء، و الأمر
الإلهي الأوّل.