قال- أيّده اللّه-: أقول المقصود من هذا الفصل إثبات أنّ أفعال
العباد واقعة لقضاء اللّه تعالى و قدره، بل جميع الكائنات بقضائه و قدره.
و تلخيص كلامه و هو: أنّ هذه الأمور الكائنة بعد ما لم تكن، و كلّ ما
كان كذلك فلا بدّ له من أسباب، و أسباب هذه الأمور إمّا الطبيعة أو الإرادة و
الاتفاق.
أمّا الطبيعة فمبدؤها من هناك.
و أمّا الإرادة فهي كائنة [1] بعد ما لم تكن، فلها أيضا سبب و علّة.
و ليست إرادة أخرى متسلسلة إلى غير نهاية
[2]، بل أسبابها أمور من خارج إمّا أرضية و إمّا سماوية. و الأرضية
مستندة إلى السماوية و باجتماع الأسباب السماوية و الأرضية يجب وجود الإرادة.
و أمّا الاتفاق فهو يحدث عن اجتماع الأسباب السماوية و الأرضية؛ و
الأسباب مستندة إلى واجب الوجود لذاته، فإذا الكلّ من عنده.
ثمّ فسّر القضاء و القدر فقال: القضاء من اللّه سبحانه هو الوضع
الأوّل البسيط. و التقدير هو ما يتوجّه [3] إليه القضاء على التدريج.
معناه: أنّ القضاء هو الأسباب البسيطة، و التقدير يوجّه [4] تلك الأسباب إلى المسبّبات على
التدريج باجتماع/DB 45
/ تلك البسائط.