و انقياد أوامره و نواهيه تأثيرا بليغا في تطويع الأمارة بالسوء
للنفس المطمئنة، أعني تسخير القوى البدنية الشهوانية و الغضبية للنفس.
و أفضل الناس من صارت نفسه عقلا بالفعل و حصلت له الأخلاق الحسنة، و
أفضل هؤلاء من استعدّ لمرتبة النبوّة و هو الذي لقوّته النفسانية خصائص [1] ثلاث قد ذكرت. و لنرجع إلى شرح ألفاظ
الكتاب.
قوله: «و يجب أن تعلم أنّ الوجود إذا ابتدأ من عند الأوّل لم يزل
كلّ تال منه أدون مرتبة من الأوّل».
عنى بالأوّل: [2] الواجب الوجود لذاته، و هو اللّه تعالى. ثمّ إنّ الموجودات إنّما
يوجد من الواجب الوجود لذاته بترتيب، فما [3] يكون أقرب إليه في ترتيب الوجود يكون أشرف من الأبعد منه إلى أن بلغ
الوجود إلى الأخس.
قوله: «فأوّل ذلك درجة الملائكة الروحانية المجرّدة الّتي تسمّى
عقولا».
معناه: أنّ أفضل الموجودات بعد الواجب لذاته هو العقول، و يدلّ عليه
أنّ كمالاتها حاصلة لها بالفعل من كلّ وجه.
قوله: «ثمّ مراتب الملائكة الروحانية تسمّى نفوسا».
معناه: أنّ بعد العقول أشرف الموجودات النفوس المتعلّقة