روائح المذاقات [1] اللذيذة إلى الالتذاذ بتطعّمها، بل أبعد من ذلك بعدا غير محدود.
و أنت تعلم إذا تأمّلت عويصا يهمك و عرضت عليك شهوة و خيّرت بين
الطرفين [2] استخففت بالشهوة إن كنت كريم النفس.
و الأنفس العامية أيضا [كذا]، فإنّها تترك الشهوات المعترضة، و
تؤثر الغرامات و الآلام الفادحة [3] بسبب افتضاح أو خجل أو تعيير أو سوء قالة
[4].
و هذه كلّها أحوال عقلية، فبعضها و أضداد بعضها [5] يؤثّر على المؤثّرات الطبيعية، و
يصبر لها على المكروهات الطبيعية.
فيعلم من ذلك أنّ الغايات العقلية أكرم على الأنفس في محقّرات
الأشياء، فكيف في الأمور النبيهة العالية، إلّا أن الأنفس الخسيسة تحسّ بما يلحق
المحقّرات من الخير و الشرّ، و لا تحسّ بما يلحق الأمور النبيهة لما قيل من
المعاذير.
و أمّا إذا انفصلنا عن البدن و كانت النفس منّا [6] تنبّهت
[7] في البدن لكمالها الذي هو معشوقها، و لم تحصله و هي بالطبع نازعة
إليه إذا عقلت بالفعل أنّه موجود، إلّا أنّ اشتغالها بالبدن كما قلنا قد أنساها