و أمّا أنّه أشد إدراكا فأمر أيضا تعرفه بأدنى تذكّر لما سلف
بيانه؛ فإنّ النفس النطقية أكثر عددا [1] لمدركات [2] و أشدّ تقصّيا [3] للمدرك و تجريدا له عن الزوائد الغير الداخلة في معناه- إلّا
بالعرض- و له الخوض في باطن المدرك و ظاهره. بل كيف يقاس هذا الإدراك بذلك
الإدراك، أو كيف تقاس هذه اللذة باللذة الحسية و البهيمية و الغضبية!؟
و لكنّنا في عالمنا و بدننا و انغماسنا
[4] في الرذائل لا نحسّ بتلك اللذة إذا حصل عندنا شيء من أسبابها،
كما أومأنا إليه في بعض ما قدّمناه من الأصول، و لذلك لا نطلبها، و لا نحنّ إليها.
اللّهمّ إلّا أن نكون [5]
قد خلعنا ربقة الشهوة و الغضب و أخواتها [6]/DB 74
/ عن [7] أعناقنا، و طالعنا شيئا من تلك
اللذة، فحينئذ ربّما تخيّلنا منها خيالا طفيفا ضعيفا، و خصوصا عند انحلال المشكلات
و استيضاح المطلوبات النفسية [8].
و نسبة التذاذنا هذا إلى التذاذنا ذلك نسبة الالتذاذ الحسي بتنشق