أن تحدث الجواهر العقلية منقسمة متكثّرة بالعدد لتكثّر الأسباب،
فهناك تنتهي.
فقد بان و اتّضح أنّ كلّ عقل هو أعلى في المرتبة فإنّه لمعنى فيه،
و هو أنّه بما يعقل الأوّل يجب عنه وجود عقل آخر دونه، و بما يعقل ذاته يجب عنه
فلك بنفسه و جرمه و جرم الفلك كائن عنه و مستبقى بتوسّط النفس الفلكية؛ فإنّ كلّ
صورة فهي علّة لأن تكون مادتها بالفعل؛ لأنّ المادّة بنفسها
[1] لا قوام لها.
التفسير:
قال- أيّده اللّه-: هذه حجة أخرى على إثبات العقول المجرّدة، عنى
بالعقول البسيطة المفارقة: النفوس الناطقة، و قد ثبت وجودها و حدوثها في
الطبيعيات، فلا بدّ لها من سبب، و سببها ليس هو العلّة الأولى بلا توسّط؛ لأنّها
كثيرة [2] العدد مع أنّها نوع واحد، و لأنّها
حادثة فلا تكون معلولات قريبة للعلّة الأولى بغير وسط.
و المعلول الأوّل لا يجوز أن تصدر عنه إلّا كثرة مختلفة النوع؛ لأنّ
الكثرة الّتي فيه لا يخلو:
[1]: إمّا أن تكون مختلفة بالحقائق.
[2]: و إمّا أن تكون متّفقة الحقائق.
فإن كانت مختلفة الحقائق كان ما يصدر عن كلّ واحد منهما شيئا