تقوّمها إلى الهيولى، فلا تكون فاعلة لها، لأنّ الشيء إنّما يفعل
بعد تقوّمه في ذاته، و لا قوام لها بدون الهيولى، فيمتنع أن يوجد أوّلا ثمّ هو
يوجد ما يحتاج إليه في وجوده.
و يستحيل أن يكون هو الجسم؛ لأنّ الجسم
[1] مركب من الصورة و الهيولى، و الكثرة لا توجد من الواجب الوجود لذاته
دفعة.
و لا يجوز أن يكون المبدع الأوّل هو النفس؛ لأنّ النفس حقيقتها أنّه [2] جوهر مفارق متصرّف في الجسم، فلا بدّ
في تحقّق ماهية النفس من تحقّق [3] الجسم، فإذن لم يكن جسما لا يكون نفسها.
فإذا المبدع الأوّل عقل مجرّد عن علائق الجسم. فهذا إتمام الكلام في
هذا المطلوب، و لنرجع إلى شرح ألفاظ الكتاب.
قوله: «فلا [4] يجوز أن يكون أوّل الموجودات عنه
[5] و هي المبدعات كثيرة [6] لا بالعدد و لا بالانقسام إلى مادّة و صورة».
معناه: أنّه لمّا ثبت أنّ الواجب الوجود لذاته واحد فلا يجوز أن يصدر
عنه إلّا موجود واحد، و هو الذي لا ينقسم بوجه ما، لا بعدد
[7] و لا بالأجزاء [8].