و إن كانتا خارجتين لازمتين كان الكلام في صدور هما كالكلام في صدور [1] الأثرين، فيلزم إمّا التسلسل و إمّا
الانتهاء إلى جهتين داخلتين في ذات الواجب الوجود لذاته مقومتين له، و كلاهما
باطلان.
فثبت أنّ أوّل الموجودات الصادرة
[2] عنه واحد، و يسمّى المبدع الأوّل.
[برهان على أنّ الصادر الأوّل هو العقل المحض]
ثمّ نقول: ذلك المبدع الأول يجب أن يكون عقلا محضا، و البرهان عليه
هو: أنّا قد ذكرنا أنّ الموجود إمّا جوهر و إمّا عرض؛ و الجوهر إمّا هيولى و إمّا
صورة و إمّا جسم و إمّا نفس و إمّا عقل؛ فنقول: محال أن يكون المبدع الأوّل عرضا؛
لأنّ العرض محتاج إلى موضوع، فإذا [3] وجد هو مع موضوعه لزم صدور اثنان عن الواجب الوجود لذاته معا، و قد
بيّنا بطلانه.
و لا يجوز أن يكون هيولى؛ لأنّ الهيولى لا توجد بدون الصورة، فيلزم
منه وجود اثنان معا. و أيضا فلو كان أوّل الموجودات الصادرة عنه هي الهيولى لكانت
الموجودات الّتي بعدها حاصلة منها، و كانت الهيولى فاعلة لها، و الهيولى من حيث هي
الهيولى قابلة فقط لا فاعلة.
و محال أن يكون المبدع الأوّل هو الصورة؛ لأنّ الصورة محتاجة في