[في بيان أنّ أوّل ما خلق اللّه العقل موافقا لقاعدة الواحد]
فلا يجوز أن يكون أوّل الموجودات عنه و هى المبدعات كثيرة، لا
بالعدد و لا بالانقسام إلى مادّة و صورة؛ لأنّه يكون لزوم ما
[1] يلزم عنه هو لذاته لا لشيء آخر، و الجهة و الحكم الذي في ذاته-
الذي منه يلزم هذا الشيء- ليست الجهة و الحكم الذي يلزم عنه لا هذا الشيء، بل
غيره.
فإن لزم منه فيه [2] شيئان متباينان بالقوام أو شيئان متباينان يكون منهما شيء واحد-
مثل مادّة و صورة لزوما معا- فإنّما يلزمان عن جهتين مختلفتين في ذاته. و تانك الجهتان
إذا كانتا لا في ذاته، بل لازمتين لذاته، فالسؤال في لزومهما
[3] ثابت، حتّى يكونا [4] من ذاته، فيكون ذاته منقسما بالمعنى، و قد منعنا هذا قبل و بينّا
فساده.
فبيّن أن أوّل الموجودات عن العلّة الأولى واحد بالعدد، و ذاته و
ماهيته واحدة [5] لا في مادّة. فليس شيء من الأجسام
و لا من الصور الّتي هي كمالات للأجسام [6] معلولا قريبا له، بل المعلول الأوّل عقل محض؛ لأنّه صورة لا في
مادّة، و هو أوّل العقول المفارقة الّتي