بل نقول: إنّ كلّ محرّك حركة غير قسرية فهو إلى أمر ما و تشوّق أمر
ما حتّى الطبيعة أيضا؛ [1]
فإنّ شوق [2] الطبيعة أمر طبيعي و هو الكمال
الذاتي للجسم إمّا في صورته و إمّا في أينه و وضعه. و شوق
[3] الإرادة أمر إرادي إمّا إرادة مطلوب
[4] حسّى- كاللذة- أو وهمي خيالي- كالغلبة- أو ظني و هو الخير
المظنون.
و طالب اللذة هو الشهوة، و طالب الغلبة هو الغضب، و طالب الخير
المظنون هو الظنّ، و طالب الخير الحقيقي المحض هو العقل.
و يسمّى هذا الطلب اختيارا.
و الشهوة و الغضب غير ملائم لجوهر الجسم الذي لا يتغيّر و لا
ينفعل؛ فإنّه لا يستحيل إلى حال غير ملائمة فيرجع إلى حال ملائمة، فيلتذ أو ينتقم
من مخيّل له فيغضب. و على أنّ كلّ حركة إلى لذيذ أو غلبه فهي متناهية، و أيضا فإنّ
أكثر المظنون لا يبقى مظنونا سرمديا.
فوجب أن يكون مبدأ هذه الحركة اختيارا و إرادة لخير حقيقي، و لا
يخلو ذلك الخير [1]: إمّا أن يكون ممّا ينال بالحركة فيوصل إليه، [2]: أو يكون
خيرا ليس جوهره ممّا ينال بوجه، بل هو مباين.