الواجب الوجود لذاته فواجب عنه، و ذلك لأنّ الجائز أن يوجد و الجائز
أن لا يوجد لا بدّ له من مرجّح لجانب الوجود، و المرجّح إذا كان على الحال الّتي
كان عليها [1] قبل الترجّح و لم يعرض شيء البتة لا
فيه و لا مباين عنه يوجب الترجيح [2] في حدّ الوقت دون ما قبله و ما بعده، و كان الأمر على ما كان لم يكن
مرجّحا إذا كان التعطيل عن الفعل و الفعل بمثابة واحدة.
فثبت أنّه لا بدّ و أن يعرض له شيء يوجب الترجيح [3]. ثمّ ذلك الشيء [1]: إمّا أن يحدث في
ذاته، [2]: و إمّا أن يحدث مباينا عن ذاته.
و إن حدث في ذلك أوجب تلك التغيّر في ذاته
[4]، و قد بان أنّ الواجب الوجود لذاته لا يتغيّر.
و إن حدث مباين عن ذاته كان الكلام فيه كالكلام في سائر الأفعال.
و أيضا فالعقل الصريح- الذي لم يكدّر
[5]- يشهد بأنّ الذات إذا كان [6] واحدا من جميع جهاته و هو [7] كما كان، و كأنّ لا يوجد منه شيء فيما قبل و الآن هو كذلك، فالآن
أيضا لا يوجد عنه شيء، فإذا وجد الآن منه شيء فلا بدّ و أن يحدث أمر من قصد، أو
إرادة، أو طبع، أو