كلّ واحد منهما شرطا كان وجوب وجود هذا متقوّما دون ما في الآخر من
المميّز، و وجوب وجود الآخر متقوّما دون ما في الأوّل لها من المميّز، فحينئذ لا
يكون واحد من المميّزين [1]
مقوّما للوجوب الوجود [2]
أصلا؛ لأنّ الوجوب [3]
قد تقرّر عند عدم هذا تارة و عند عدم ذاك أخرى، بل يكونان عارضين و حينئذ يبقى
الكلام في سبب الامتياز.
فإن قيل: إنّ وجوب الوجود مشروط بأحد تلك الفصول لا بعينه.
فنقول: [4]
هذا [5] ممتنع، لأنّه إن كان هذا الفصل غير
محتاج إليه، فقد شارك كلّ واحد منهما في أنّه غير محتاج إليه، فوجب أن لا يكون
الوجوب محتاجا إليه.
فإن قيل: هذا ينتقض باللون، فإنّه لا يتحقّق وجوده إلّا إذا انضاف
إليه فصل أيّ نوع من أنواعه كان، و كذا الهيولى لا تتقوّم إلّا عند صورته أيّة
صورة كانت، و لا يعتبر [6]
في تقوّم اللون فصل معيّن و لا في تقوّم الهيولى صورة معيّنة.
فنقول: إنّ اللون غير محتاج في ماهيته إلى شيء من تلك الفصول، و
إنّما يحتاج وجوده إليها، فاللون الذي هو حصّة السواد محتاج في وجوده إلى فصل
السواد، و كذا الفصل الذي في البياض، فلو كان