نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 64
و إنّما يقصد بالواجب شىء يكون القصد مهيّئا له و يفيد وجوده شىء
آخر، مثل الطبيب للصحّة. فالطبيب لا يعطى الصحّة، بل يهيّئ لها المادّة و الآلة، و
إنّما يفيد الصحّة مبدأ أجلّ من الطبيب، و هو الذي يعطى المادّة جميع صورها و ذاته
أشرف من المادّة. و ربما كان القاصد مخطئا فى قصده اذا قصد ما ليس أشرف من القصد،
فلا يكون القصد لاجله فى الطبع بل بالخطإ.
و لأنّ هذا البيان يحتاج إلى تطويل و تحقيق فيه، و فيه شبهة و شكوك
لا تنحلّ إلّا بالكلام المشبع. فلنعدل إلى الطريق الأوضح فنقول: إنّ كلّ قصد فله
مقصود، و العقلىّ منه هو الذي يكون وجود المقصود عن القاصد أولى بالقاصد من لا
وجوده عنه، و إلّا فهو هذر.
و الشىء الذي هو أولى بالشيء فانّه يفيده كمالا ما؛ ان كان
بالحقيقة فحقيقيّا و ان كان بالظنّ فظنيّا. مثل استحقاق المدح، و ظهور القدرة، و بقاء
الذكر، فهذه و ما اشبهها كمالات ظنيّة. و الربح، و السلامة، و رضا اللّه، و حسن
معاد الآخرة. و هذه و ما اشبهها كمالات حقيقيّة لا تتمّ بالقاصد وحده.
فاذن كلّ قصد ليس عبثا فانّه يفيد كمالا ما لقاصده، لو لم يقصده لم
يكن ذلك الكمال. و العبث أيضا يشبه أن يكون كذلك، فانّ فيه لذة او راحة او غير
ذلك.
و محال أن يكون المعلول المستكمل وجوده بالعلّة يفيد العلّة كمالا لم
يكن. و انّ المواضع التي يظنّ فيها أنّ المعلول أفاد علّته كمالا مواضع كاذبة او
محرّفة؛ و قد بيّنا ذلك و أوضحناه و حلّلنا الشكوك فيه.
فان قال قائل: إنّ الخيريّة توجب هذا، فانّ الخير يفيد الخير.
قيل له: أمّا أوّلا فهذا موجبه النقص و طلب الكمال، و النقص و طلب
الكمال لما هو عدم شريّة، ليس خيريّة.
و أمّا ثانيا فانّ الخيريّة لا تخلو: إمّا ان تكون صحيحة موجودة دون
هذا القصد، و لا مدخل لوجود هذا القصد فى وجودها، فيكون كون هذا القصد
نام کتاب : المبدا و المعاد نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 64