نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 94
التّفسير: لمّا بطل كون الصّورة علّة مطلقة أو واسطة مطلقة للهيولى
أراد أن يبطل القسم الثّانى من الأقسام الأربعة الّتى صدّر الباب بها، و ذلك هو أن
يقال: الصّورة محتاجة إلى الهيولى. و هذا الفصل يشتمل على بيان أنّ الصّورة الّتى
يمكن زوالها عن المادّة ليست بمتأخّرة في الوجود عن الهيولى. و تقريره أنّ الصّورة
الجوهريّة إذا زالت عن [1] المادّة، فإن لم يحصل عقيبها
[2] فى المادّة صورة أخرى تكون بدلا عنها، لم تبق المادّة موجودة، لما
مرّ [3] أنّ الهيولى لا تخلو عن الجسميّة [4] و عن سائر الصّور النّوعيّة. و إذا
كان كذلك فالشّىء الّذى عقّب [5] الصّورة الزّائلة بالصّورة الحادثة مقيم للمادّة، أى حافظ لوجود
المادّة بواسطة ذلك البدل.
ثمّ إنّه لا يلزم من صدق قولنا: إنّ ذلك المعقّب يحفظ وجود المادّة
بذلك البدل، صدق أن تقول: و أنّه [6] يحفظ ذلك البدل بتلك الهيولى؛ لأنّ الشّىء ما لم يوجد لم يكن حافظا
لوجود غيره.
فلو كانت الهيولى مقيمة للصّورة لكانت تقوم أوّلا، ثمّ تصير بعد ذلك
مقيمة لوجود الصّورة. و قد كنّا بيّنّا أنّ الصّورة مقيمة للهيولى، فيلزم أن يكون
وجود كلّ واحد منهما سابقا على وجود الآخر. و هذا هو المراد من قوله: «و بالجملة
لا يمكنك أن تدير [7]
الإقامة.»
و لقائل أن يقول: إنّ هذا الفصل كالمناقض لما مضى، لأنّ فيه بيان أنّ
الصّورة متقدّمة على الهيولى، و فيه بيان أنّ الصّورة لمّا كانت متقدّمة على
الهيولى استحال أن تكون الهيولى متقدّمة على الصّورة. و قد كانت الحجّة المذكورة
على امتناع كون الصّورة علّة للهيولى مبنيّة على أنّ للهيولى تقدّما [8] بوجه ما
[9] على الصّورة.
و شكّ آخر؛ و هو أنّ قوله: «فمعقّب البدل مقيم للمادّة لا محالة
بالبدل»؛ ليس بجيّد [10]
على الإطلاق، فإنّ [11]
الجسم لا ينفكّ عن أين ما و شكل ما و مقدار ما، و إذا كان كذلك فمتى زال أين معيّن
أو شكل معيّن أو مقدار معيّن فلا بدّ و أن يحصل أين آخر
[12] و شكل آخر و مقدار آخر ليكون بدلا