نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 74
الثّانى. فإنّه إذا قيل لنا: لم لا يجوز أن يختصّ ذلك الجسم بحيّز
معيّن، و إن كان ذلك الحيّز و غيره بالنّسبة إليه سواء
[1]؟ كما أنّ القطرة من الماء مختصّة بحيّز واحد من حيّز كلّيّة الماء،
و إن كان جميع [2] حيّز الماء بالنّسبة إلى تلك [3] القطرة على السواء. كان جوابنا عنه أن
نقول: الجزء من الهواء إذا صار ماء فإنّ تعيّن موضعه بعد صيرورته ماء إنّما كان
لأنّ موضعه كان متعيّنا حين [4] كان هواء، لأنّه [5] حين كان هواء كان حاصلا في حيّز معيّن. فإذا صار ماء وجب بمقتضى
ثقله أن ينزل إلى أقرب حيّز من الحيّز الّذى كان موضعا
[6] لهذا الّذى صار الآن ماء حين كان هو
[7] هواء. فإذن تعيّن حيّزه في الحال بسبب تعيّن حيّزه [8] قبل ذلك. و هذا يقتضى أن يكون قبل كلّ
وضع معيّن [9] وضع آخر معيّن ليكون [10] السابق علّة
[11] للّاحق [12]. فأمّا إذا كانت الهيولى خالية عن الجسميّة فإنّه لا يتأتّى فيها
هذا الوجه، فظهر الفرق.
و لقائل أن يقول: لا نزاع في كون الوضع السابق علّة لتعيّن [13] الوضع اللّاحق، و لكن لا يلزم من
انتفاء الوضع السابق أن لا يتعيّن الوضع اللّاحق، لاحتمال أنّ الهيولى [14] و إن كانت خالية عن الجسميّة لكنّها [15] موصوفة بأمور أخر، أعدّت المادّة عند
التّجسّم لاختصاصه بالموضع [16] المعيّن، و تقريره [17] ما مرّ.
[الفصل السادس عشر [فأحدس من هذا أنّ الهيولى لا تتجرّد عن
الصّورة الجسميّة]]
تذنيب: فأحدس من هذا أنّ الهيولى لا تتجرّد عن الصّورة الجسميّة [18].
التّفسير: قد علمت أنّ الحجّة على إبطال انفراد الهيولى عن الصّورة
أنّ الهيولى الخالية عن الصّورة إمّا أن تكون مشار إليها، أو لا تكون. و القسم
الثّانى إنّما أبطلناه بأن قلنا: إذا حصلت الصّورة فيها فإمّا أن تحصل في كلّ
الأحياز، أو لا في شىء من الأحياز، أو في حيّز معيّن. و لمّا كان فساد القسم