نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 73
الجزء [1]
من حيّز الماء. فاختصاصه بعد صيرورته ماء بذلك الجزء من حيّز الماء [2] لأنّه كان قبل صيرورته ماء مخصوصا بالحيّز
الآخر. و اختصاصه بذلك الحيّز إنّما كان لاختصاصه قبل ذلك بحيّز آخر. فيكون سبب
اختصاصه بكلّ حيّز معيّن اختصاصه قبل ذلك الحيّز
[3] بحيّز آخر معيّن. و اعلم [4] أنّ هذا الجواب هو بعينه الجواب عن السؤال الأوّل، و كلامنا عليه
ككلامنا على ذلك الجواب. و لنرجع إلى شرح المتن.
قوله: «فلو فرضنا هيولى بلا صورة و كانت [5] بلا وضع، ثمّ لحقتها الصّورة فصارت
ذات وضع مخصوص، فليس يمكن أن يقال: إنّ ذلك لأنّ الصّورة لحقتها هناك. كما يمكن أن
يقال: لو كانت [6] فى صورة توجب لها وضعا هناك، أو
كان [7] قد عرض لها وضع هناك، ثمّ لحقتها
الصّورة الأخرى.
و إنّما ليس يمكن فيما نحن فيه لأنّها مجرّدة بحسب هذا الفرض [8]»
؛ فمعناه أنّ الهيولى إذا لم يكن لها فى نفسها حيّز و لا إليها
إشارة، فلو فرضناها خالية عن الصّورة [9]، فإذا [10]
حدثت الصّورة فيها فلا يمكن أن تحصل في حيّز معيّن؛ لأنّ حصولها في ذلك الحيّز
إنّما يكون لأجل أنّ الصّورة حصلت فى المادّة عند ما كانت المادّة في ذلك الحيّز.
و هذا إنّما يمكن لو كانت المادّة قبل حدوث هذه الصّورة فيها موصوفة بالجسميّة و
متخصّصة بحيّز ما. فإمّا إذا فرضت خالية عن الجسميّة لم يصحّ أن يقال: إنّه [11] حدثت الصّورة فيها عند ما كانت في ذلك
الحيّز.
و لقائل أن يقول: حصول الصّورة فيها عند ما تكون هى في ذلك الحيّز
سبب لاختصاصها بذلك الحيّز، و لا يلزم [12] من انتفاء سبب معيّن انتفاء المسبّب. فلا يلزم من حصول الجسميّة في
المادّة الّتى ما كانت مختصّة بحيّز أن لا يتخصّص لها حيّز، لاحتمال أنّ المادّة و
إن كانت خالية عن الجسميّة و لكنّها كانت موصوفة بصفات أخر غير الجسميّة، و أنّ
تلك الصفات أعدّت المادّة للجسميّة و للحصول
[13] فى حيّز معيّن دون سائر الأحياز.