نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 643
النّاطقة متمكّنة من استفادة العلوم من تلك المبادى. ثمّ بيّن هذه
المقدّمة في هذا الفصل على سبيل الإجمال و من بعد ذلك بيّنها على سبيل التّفصيل.
فأمّا البيان الإجمالى فهو أنّ النّفس النّاطقة متمكّنة من الاتّصال بتلك [1] المبادى لتستفيد العلوم منها. و إذا
كان الاتّصال بها ممكنا، و استفادة العلوم عند ذلك الاتّصال حاصلة [2]، كانت هذه الاستفادة [3] ممكنة، و كان الإطّلاع على الغيب
ممكنا [4].
الفصل الحادى عشر [فى تفصيل القول في تمكّن النّفس النّاطقة من
الاتّصال بعقول الأفلاك و نفوسها]]
تنبيه: القوى النّفسانية متجاذبة متنازعة، فإذا هاج الغضب شغل
النّفس عن الشّهوة و بالعكس.
و إذا تجرّد [5] الحسّ [6]
الباطن لعلمه شغل عن الحسّ الظّاهر، فيكاد [7] لا يسمع و لا يرى و بالعكس.
و إذا انجذب الحسّ الباطن إلى الحسّ الظّاهر أمال [8] العقل آلته، فانبتّ دون حركته
الفكريّة الّتى يفتقر فيها كثيرا إلى آلته. و عرض أيضا شىء آخر و هو أنّ النّفس
أيضا [9] تنجذب إلى جهة الحركة القويّة،
فتخلّى [10] عن أفعالها الّتى لها [11] بالاستبداد. و إذا استمكنت النّفس
من ضبط الحسّ الباطن تحت تصريفها، خارت [12] الحواسّ الظّاهرة أيضا، و لم يتأدّ عنها إلى النّفس ما يعتدّ به.
التّفسير: الآن شرع في بيان تفصيل الكلام
[13] فى تمكّن [14]
النّفس [15] النّاطقة من
[16] الاتّصال بعقول الأفلاك و نفوسها. و اعلم أنّ الكلام في ذلك يستدعى
مقدّمات، فمن تلك المقدّمات ما ذكره في هذا الفصل و هو
[17] أنّ القوى النّفسانيّة متجاذبة متنازعة. فالنّفوس [18] حال اشتغالها بتدبير القوّة الغضبيّة [19] لا يمكنها الالتفات إلى القوّة [20] الشّهوانيّة و بالعكس. و إذا اشتغل
الحسّ [21] الباطن بالحسّ الظّاهر لم يتمكّن
العقل من استعمال الحسّ الباطن، فلا يمكنه استخدام القوّة المفكّرة و لا يتمكّن
العقل حينئذ من الفكر. و أيضا [22] فاشتغال [23]
النّفس بما هى مستبدّة [24]
به يمنعها من إعانة سائر القوى على