نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 627
عن محبّة الباطل؟ و صفّاح، و كيف لا و نفسه أكبر من أن تخرجها زلّة
بشر؟ و نسّاء للأحقاد، و كيف لا و ذكره [1] مشغول بالحقّ [2].
التّفسير: هذا الفصل مشتمل على ذكر
[3] صفات أربع للعارفين: الثّنتان الأوليان منها إضافيّتان و الآخريان
سلبيّتان.
أمّا الإضافيّتان: فالأولى [4]؛ كونه شجاعا، و كيف لا و الشّجاعة فضيلة مطلوبة لذاتها؟ إنّما المانع
عنها [5] خيال خوف القتل
[6]، لكنّ العارف بمعزل عن تقيّة الموت. و الثّانية؛ كونه جوادا، و كيف
لا و الجود فضيلة مطلوبة لذاتها؟ إنّما المانع عنها حبّ المال، و العارف منزّه عن
حبّ الباطل؛ إذ كلّ شىء ما خلا اللّه باطل.
و أمّا السلبيّتان: فإحديهما كونه صفّاحا؛ لأنّ نفسه [7] أقوى و أشرف من أن ينفعل من زلّة بشر،
و الاشتغال بالانتقام دليل الانفعال. و الثّانية
[8] كونه نسّاء للأحقاد [9]، و كيف لا و الاستغراق التّامّ في محبّة
[10] اللّه تعالى يزيل عن قلبه كلّ ما عداه.
[الفصل الخامس و العشرون [فى بيان اختلاف العارفين في الهمم و
الأحوال]]
تنبيه: العارفون قد يختلفون في الهمم بحسب ما يختلف فيهم من
الخواطر على [11] حكم ما يختلف عندهم من دواعى العبر [12]. فربّما استوى عند العارف القشف و
التّرف، بل ربّما آثر القشف. و كذلك ربّما استوى عنده التّفل و العطر، بل ربّما آثر
التّفل. و ذلك عند ما يكون الهاجس بباله استحقار ما خلا الحقّ. و ربّما أصغى [13] إلى الزّينة و أحبّ من كلّ جنس
عقيلته، و كره الخداج و السقط. و ذلك عندما يعتبر
[14] عادته من صحبة الأحوال الظّاهرة. فهو يرتاد البهاء في كلّ شىء
لأنّه مزيّة خطوة من [15]
العناية الأولى، و أقرب [16]
إلى أن يكون من قبيل ما عكف عليه بهواه. و قد يختلف هذا