و المرتبة الثّانية أن لا تسع
[2] للجانبين [3]،
لكنّها عند وصولها إلى ذلك الجانب حصل لها من الاستغراق ما أذهلها عن [4] الشّواغل الخارجيّة الحاضرة. و أمّا
حال الرّجوع فالقول فيه كالقول في الاتّصال.
[الفصل الثّالث و العشرون [فى أنّ العارف لا يكون له همّة في
البحث عن أحوال الخلق، و لا يغضب عند مشاهدة المنكر؛ لأنّه واقف على سرّ القدر]]
تنبيه: العارف لا يعنيه
التّجسّس و التّحسّس، و لا يستهويه الغضب عند مشاهدة المنكر [5]، كما تعتريه الرّحمة.
فإنّه مستبصر بسرّ اللّه في القدر. و أمّا إذا
[6] أمر بالمعروف أمر برفق ناصح لا بعنف معيّر [7]، إذا جسم المعروف
فربّما غار عليه من غير أهله.
التّفسير: فى الحديث [8]: «من حسن اسلام المرء تركه ما
[9] لا يعنيه» أى لا يهمّه. تجسّست من الشّىء: أى تخبّرت خبره. جسست [10] الأخبار و تجسّستها: أى تفحّصت [11] عنها. استهواه الشّيطان: أى استهانه [12]. جسم الشّىء: أى عظم. عيّره [13] كذا من التّعيير
[14]. و المعنى أنّ العارف لا يكون له همّة
[15] فى البحث عن أحوال الخلق [16]، و لا يغضب عند مشاهدة المنكر، لعلمه بسر اللّه في القدر. و لكن
تعتريه الرّحمة. و لذلك فإنّه إذا أمر بالمعروف كان ذلك بالرّفق و اللّطف لا
بالخشونة و العنف. و إذا عظم المعروف لغير أهله
[17] فربّما اعترته الغيره منه لا الحسد. كقوله:
«هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي.»[18]
[الفصل الرّابع و العشرون [فى أنّ العارف شجاع، جواد، صفّاح،
نسّاء للأحقاد]]
تنبيه: العارف شجاع، و كيف لا و هو بمعزل عن تقيّة الموت؟ و جواد،
و كيف لا و هو بمعزل