نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 624
غير متناهية. و لا يزال العبد [1] يترقّى من بعضها إلى بعض. و الشّيخ أنّما تكلّم فيما تقدّم في [2] منازل السفر إلى اللّه تعالى، ثمّ
إنّه نبّه ههنا على أنّ منازل السفر في اللّه ليست أقلّ ممّا تقدّم.
و أمّا قوله: «لا يفهمها الحديث، و
لا تشرحها العبارة»
؛ فالسّبب فيه أنّ الألفاظ لا توضع إلّا للمعانى المتصوّرة [3]. و لمّا لم تكن تلك [4] الدّرجات متصوّرة عند أهل اللّغة كيف
يمكنهم وضع الأسماء بازائها. و أيضا فلو أمكنهم ذلك، لكان
[5] الإنسان لا يخاطب بتلك الألفاظ الموضوعة لتلك المعانى إلّا إذا حصلت
عنده تلك التّصوّرات [6].
و معلوم أنّ الجمهور لا يتصوّرون تلك المراتب
[7]، و إذا كان كذلك استحال وصول العبارة إلى تفهيم تلك الدّرجات. و إذا
كان كذلك [8]، فكلّ من أحبّ أن يدركها فليجتهد [9] أن يصير من الواصلين إلى العين [10] دون
[11] السامعين للأثر.
[الفصل الحادى و العشرون [فى أنّ العارف يكون هشّا مع كلّ أحد، و
الكلّ عنده سواء]]
تنبيه: العارف هشّ، بشّ، بسّام، يبجّل الصّغير من تواضعه مثل ما
يبجّل الكبير، و ينبسط [12]
من الخامل مثل ما ينبسط [13]
من النّبيه. و كيف لا يهشّ و هو فرحان بالحقّ و بكلّ شىء، فإنّه يرى فيه الحقّ. و
كيف لا يسوّى [14]، و الجميع
[15] عنده سواسية أهل الرّحمة قد شغلوا بالباطل.
التّفسير: رجل هشّ بشّ: أى رخولين.
[16] يقال: للجميع [17] هم سواسية مثل ثمانية: أى أشباه. و المعنى أنّ العارف يكون هشّا مع
كلّ أحد. أمّا كونه هشّا [18]
فلأنّه عالم [19] بالحقّ، و الفرح بالحقّ دائم بدوام
العلم به، فلا جرم العارف هشّ أبدا سواء كانت الأحوال العاجلة موجبة [20] للفرح أو التّرح [21]. و أمّا عموم كونه هشّا فلأنّه لا
ينظر إلى ما سوى اللّه تعالى من حيث أنّه هو حتّى يظهر التّفاوت، بل إنّما ينظر
إلى الكلّ من حيث انتسابه إلى اللّه. و الكلّ سواسية في ذلك، فلا جرم كان متواضعا
مع الكلّ،