نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 559
السرمد ضرب من الجهل؛ و إنّما يعرّض
[1] للعذاب المحدود ضرب من الرّذيلة و حدّ
[2] منه، و ذلك في أقلّ [3] أشخاص النّاس»
؛ فالمراد منه الجواب عن السؤال الثّانى. و تقريره من وجهين:
أحدهما؛ أنّ الّذى يقتضى العذاب
[4] المخلّد هو العقائد الرّديئة. فأمّا الأخلاق الرّديئة فإنّها توجب
العذاب مدّة، ثمّ بزول العذاب بعد ذلك و تتخلّص تلك النّفوس إلى سعة من رحمة اللّه
تعالى. فإذا قابلنا [5]
ما وصل إليها من العذاب المنقطع الّذى يحصل أوّلا، بالسّعادة الأبديّة الحاصلة
ثانيا، كانت الغلبة للسعادة.
و ثانيهما؛ أنّه ليس كلّ خلق ردىء فإنّه يكون موجبا للعذاب، بل
الخلق الرّدىء الموجب للعذاب هو الخلق [6] المتمكّن في النّفس تمكّنا بالغا. و لا شكّ
[7] أنّ ذلك ليس بغالب بل نادر. قال صاحب الصّحاح: بتكه أى قطعه، فقوله:
باتكة لعصمة النّجاة أى قاطعة لها.
و أمّا قوله: «و لا تصغ إلى من يجعل
النّجاة وقفا على عدد، و مصروفة عن أهل الجهل و الخطايا صرفا إلى الأبد، و استوسع
رحمة اللّه»
؛ فالمراد منه أنّ من اعتقد أنّ الناجى ليس إلّا من عرف الحقّ بالبراهين،
و كان نقيّا عن الآثام و الأوزار- كما يقوله المعتزلة- يلزمه أن يكون أهل النّجاة
يوم القيامة في غاية القلّة. لكن ليس كذلك، بل النّفوس الخالية عن العقائد الباطلة
من أصحاب السعادة، و النّفوس الّتى باشرت الآثام سيتخلّصون
[8] أيضا إلى السعادة، و حينئذ تكون الغلبة لأهل
[9] النّجاة.
[الفصل السادس و العشرون [فى بيان أنّه تعالى لم لم يبرأ الخير
الكثير عن ذلك الشّرّ القليل؟]]
وهم و تنبيه: و لعلّك تقول: هلّا أمكن أن يبرأ [10] القسم الثّانى عن لحوق الشرّ؟ فيكون
جوابك: أنّه لو برأ عن أن يلحقه [11] ذلك لكان شيئا غير هذا القسم، و كان القسم الأوّل و قد فرغ عنه.
و إنّما هذا القسم في أصل وضعه ممّا
[12] ليس يمكن أن يكون الخير الكثير يتعلّق به، إلّا و هو بحيث يلحقه
شرّ بالضّرورة عند المصادمات الحادثة [13]. فإذا برأ عن هذا فقد جعل غير نفسه، و كأنّ النّار