نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 558
يقال: الغالب أهل السلامة؟ و اعلم أنّ جواب هذا السؤال سيأتى في
الفصل الّذى [1] بعد ذلك.
[الفصل الخامس و العشرون [فى أنّه لا يلزم من خلوّ بعض النّفوس عن
العلم خلوّها عن السعادات كلّها]]
تنبيه [2]:
لا يقعنّ عندك أنّ السعادة في الآخرة نوع واحد. و لا يقعنّ عندك [3] إنّها لا تنال أصلا إلّا بالاستكمال
في العلم، و إن كان ذلك يجعل نوعها نوعا أشرف. و لا يقعنّ عندك أنّ تفاريق الخطايا
باتكة [4] لعصمة النّجاة، بل إنّما يهلك
الهلاك السرمد ضرب من الجهل. و إنّما يعرّض للعذاب المحدود ضرب من الرّذيلة و حدّ
منه، و ذلك في أقلّ أشخاص النّاس. و لا تصغ إلى من يجعل النّجاة وقفا على عدد، و
مصروفة عن أهل الجهل و الخطايا [5] صرفا إلى الأبد، و استوسع رحمة اللّه. و ستسمع لهذا فضل بيان.
التّفسير: لمّا ذكر أنّ الوسط في العقائد و الأخلاق أعنى النّفوس
الخالية منهما هو الغالب، و حينئذ ربّما خطر ببال إنسان
[6] أنّ سبب السعادة الأخرويّة ليس إلّا العلوم، فالنّفوس الخالية [7] عنها لا يكون لها شىء من السعادات [8]. فيكون الغالب على النّفوس أن تكون
معطّلة، لا يكون بين وجودها و عدمها فرق.
و أيضا فالغالب على الخلق الأخلاق الرّديئة، و ذلك سبب العقاب. فيكون
الشّرّ غالبا على ما قرّرناه في الفصل المتقدّم، فذكر
[9] فى هذا الفصل ما يدفع هذه الإشكالات فقال: «لا يقعنّ عندك أنّ
السعادة الأخرويّة نوع واحد [10]، و لا يقعنّ عندك أنّها لا تنال أصلا
[11] إلّا بالاستكمال في العلم»؛ و المراد منه أنّه لا ينبغى أن يجزم
الإنسان بأنّ السعادة [12]
فى الآخرة نوع واحد، و أنّه لا يمكن اكتساب ذلك النّوع إلّا بالعلم. و على هذا لا
يلزم من خلوّ بعض النّفوس عن العلم، خلوّها عن السعادات. فهذا هو الجواب عن السؤال
الأوّل.
و أمّا قوله: «و لا يقعنّ عندك أنّ
تفاريق الخطايا باتكة لعصمة النّجاة، بل إنّما يهلك الهلاك