نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 560
جعلت غير النّار، و الماء غير الماء. و ترك وجود هذا القسم و هو
على صفته المذكورة غير لائق بالجود على ما بيّنّاه
[1].
التّفسير: هذا سؤال ثان على القاعدة المذكورة في كيفيّة دخول الشّرّ
في القضاء الإلهىّ. و هو أنّه تعالى لم لم يبرأ
[2] الخير الكثير عن ذلك الشّرّ القليل؟ و الجواب: أنّ الّذى يمكن أن
يكون خيرا خالصا [3] هو القسم الأوّل، و ذلك قد وجد [4]. و بقى في التّقسيم قسم آخر، و هو
الّذى لا ينفكّ عن شرّ ما ألبتّة و لكن خيره غالب على شرّه. فهذا القسم لو برأه
عمّا فيه من الشّرّ لما كان هذا القسم، بل صارعين
[5] القسم الأوّل. لكنّا قد دللنا على أنّ هذا القسم الثّانى [6] يجب في الحكمة إيجاده، و لا يليق
بالجواد إهماله.
[الفصل السابع و العشرون [فى بيان أنّه إذا كان الكلّ بقضاء اللّه
و قدره فلا يكون الإنسان فاعلا للشىء من الأفعال، فكيف يجوز تعذيبه و عقابه؟ و
الجواب عنه]]
وهم و تنبيه: و لعلّك تقول أيضا: إن
[7] كان القدر فلم العقاب؟ فتأمّل جوابه: أنّ العقاب للنّفس على خطيئتها،
كما ستعلم، هو كالمرض للبدن على نهمه. فهو لازم من لوازم ما ساق [8] إليه الأحوال الماضية الّتى لم يكن [9] من وقوعها بدّ، و لا [10] من وقوع ما يتبعها. و أمّا أن يكون
على جهة أخرى من مبدأ [11]
له من [12] خارج، فحديث آخر. ثمّ إذا سلّم
معاقب من خارج فإنّ ذلك أيضا يكون حسنا، لأنّه قد كان يجب أن يكون التّخويف موجودا
في الأسباب الّتى تثبت، فتنفع في الأكثر. و التّصديق تأكيد للتّخويف. فإذا عرض من
أسباب القدر أن عارض [13]
واحد مقتضى [14] التّخويف و الاعتبار، فركب الخطأ [15] و أتى بالجريمة، وجب التّصديق لأجل
الغرض العامّ، و إن كان غير ملائم لذلك الواحد. و لا واجبا من مختار رحيم، لو لم
يكن هناك إلّا جانب المبتلى بالقدر، و لم يكن في المفسدة الجزئيّة له [16] مصلحة كلّيّة عامّة كثيرة. لكن لا
يلتفت لفت الجزئىّ لأجل الكلّى، كما لا يلتفت