[الفصل التّاسع [فى بيان فساد القول بأنّ النّفس النّاطقة عند
تعقّلها معقولا ما تتحدّ بالعقل الفعّال لاتّحادها بالعقل المستفاد الّذى اتّحد
العقل الفعّال به]]
وهم [3]
و تنبيه: و هؤلاء أيضا قد يقولون [4]: إنّ النّفس النّاطقة إذا عقلت شيئا فإنّما يعقل ذلك الشّىء باتّصالها
بالعقل الفعّال. و هذا حقّ [5]. قالوا: و اتّصالها بالعقل الفعّال هو أن تصير هى [6] نفس
[7] العقل الفعّال [8]؛ لأنّها تصير العقل المستفاد، و العقل الفعّال هو نفسه يتّصل
بالنّفس فتكون العقل المستفاد. و هؤلاء بين أن يجعلوا العقل متجزّئا قد يتّصل منه شىء
دون شىء. أو يجعلوا اتّصالا واحدا به يجعل النّفس كاملة واصلة إلى كلّ معقول. على
أنّ الإحالة [9] فى قولهم: إنّ النّفس النّاطقة هى
العقل المستفاد حين ما يتصوّر به [10]، قائمة.
[الفصل العاشر [حكاية من «فرفوريوس» الّذى عمل في العقل و
المعقولات كتابا]]
حكاية [11]:
و كان لهم رجل يعرف ب «فرفوريوس» عمل في العقل و المعقولات كتابا يثنى عليه
المشّاؤون، و هو حشف [12]
كلّه. و هم يعلمون من أنفسهم أنّهم [13] لا يفهمونه و لا «فرفوريوس» نفسه.
و قد ناقضه من أهل زمانه رجل، و ناقض هو ذلك المناقض بما هو أسقط
من الأوّل [14].
التّفسير: القائلون بالاتّحاد قد
[15] يعترفون بأنّ النّفس النّاطقة أنّما تعرف الأشياء لا تّصالها
بالعقل [16] الفعّال؛ و لكنّهم يقولون مع ذلك
أنّها تتّحد بالعقل الفعّال حتّى تصير النّفس، حال صيرورتها عقلا مستفادا، نفس
العقل الفعّال. و هذا الكلام باطل بالوجه الأوّل، و بوجه آخر مخصوص [17] به
[18]. و هو أنّ النّفس إمّا أن يتّحد ببعض
[19] أجزاء العقل الفعّال [20] دون غيره، و ذلك