نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 477
الفصل الثّامن و العشرون [فى إبطال قول من يقول: محرّكات الأفلاك
بعد البارى تعالى متحرّكة بالعرض]]
استشهاد: صاحب المشّائين قد شهد بأنّ محرّك كلّ كرة يحرّك [1] تحريكا غير متناه [2]، و أنّه غير متناهى القوّة، و أنّه
لا يكون بقوّة جسمانيّة. فغفل عنه كثير من أصحابه حتّى ظنّوا: أنّ المحرّكات [3] بعد الأوّل قد تتحرّك بالعرض لأنّها
في أجسام. و العجب أنّهم جعلوا لها تصوّرات عقليّة، و لم يحضرهم أنّ التّصوّر
العقلىّ غير ممكن لجسم، و لا لقوّة [4] جسم. فهو غير ممكن لما يتحرّك بذاته.
أو يتحرّك بالعرض أى بسبب متحرّك بذاته. و أنت إن [5] حقّقت لم تستجز أن تقول: إنّ النّفس
النّاطقة الّتى لنا متحرّكة بالعرض إلّا بالمجاز. و
[6] ذلك لأنّ الحركة بالعرض هى أن يكون الشّىء صار له وضع و موضع
بسبب ما هو فيه. ثمّ يزول [7] ذلك بسبب زواله عمّا هو فيه، الّذى هو
[8] منطبع فيه.
التّفسير: الغرض من هذا الفصل إبطال قول من يقول: محرّكات الأفلاك [9] بعد البارى تعالى متحرّكة [10] بالعرض. و الوجه في إبطاله أن تقول:
هذه المحرّكات [11] ليست اجساما و لا جسمانيّة. و ما كان
كذلك، امتنعت عليه الحركة. بيان [12] الأوّل من وجهين:
الأوّل [13]؛
أنّ صاحب المشّائين، و هو أرسطاطاليس، اعترف بأنّ محرّك كلّ كرة يحرّكها تحريكا
غير متناه؛ لأنّ الحركات الفلكيّة لا بداية لها و لا نهاية لها [14] عنده
[15]؛ فتكون تلك المحرّكات قويّة على أفعال لا نهاية لها [16]. و شهد أيضا أنّ القوّة على أعمال [17] غير متناهية لا تكون جسمانيّة.
فيلزم من هاتين [18] المقدّمتين أنّ تلك المحرّكات
[19] ليست أجساما و لا جسمانيّة.
الثّانى [20]؛
أنّ الجمهور اتّفقوا على أنّ لتلك المحرّكات
[21] تصوّرات عقليّة، و قد ثبت في النّمط الثّالث أنّ التّصورات العقليّة
لا تحصل للأجسام و لا لشىء من [22] القوى الجسمانيّة. فثبت بهذين الوجهين أنّ محرّكات الأفلاك ليست
أجساما و لا جسمانيّة.