نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 410
و عنينا بالتّقدّم التّأثير، كان معنى الكلام أنّ المؤثّر في الشّىء
مؤثّر فيه، فيكون معنى الموضوع و معنى المحمول واحدا؛ و ذلك هدر [1] لا فائدة فيه. و
[2] إن كان المراد بالتّقدّم أمرا وراء التّأثير فلا بدّ من إفادة تصوّر
ذلك الأمر أوّلا، ثمّ من [3] إقامة الدّلالة على التّصديق به
[4].
و حاصل كلام الشّيخ في بيان [5] هذا التّقدّم أمران: أحدهما؛ أنّ الشّىء إذا كان علّة لشىء [6] فالوجود ما وصل إلى المعلول إلّا بعد
وصوله إلى العلّة و مروره بها. و أمّا في جانب المعلول فليس كذلك. و ذلك يقتضى
تقدّم العلّة على المعلول. و ثانيهما؛ أنّه يقال في المشهور: إنّى حركّت يدى
فتحرّك المفتاح، أو ثمّ تحرّك [7] المفتاح. و ذلك يدلّ على التّقدّم.
و اعلم أنّ الأوّل ضعيف جدّا؛ لأنّ قولنا: الوجود مرّ بالعلّة [8] ثمّ وصل إلى المعلول؛ كلام مجازىّ لا
محالة. فإن كان المراد منه أنّ ذات العلّة مؤثّرة في المعلول فهذا مسلّم، لكنّا
بيّنّا أنّ ذلك لا يقتضى [9] التّقدّم. و إن كان المراد منه
[10] شيئا آخر فلا بدّ من بيانه، فإنّ الرّدّ و القبول لا يمكن إلّا بعد
التّصوّر.
و الثّانى أيضا ضعيف؛ لأنّه تمسّك بكلام أهل العرف؛ و هو ركيك. و
بتقدير صحّته فلسنا نسلّم أنّ اهل العرف تصوّروا من ذلك إلّا
[11] أنّ حركة اليد مؤثّرة في حركة المفتاح. فإن ادّعيت أنّهم أرادوا
بهذه الصّيغة أمرا وراء [12]
التّأثير فهو ممنوع، و لا بدّ من الدّلالة عليه.
ثمّ إنّه بعد تقرير [13] البعديّة بالذّات شرع في بيان أنّ كلّ ممكن محدث، أى كلّ ممكن [14] فإنّ وجوده بعد عدمه بعديّة بالذّات؛
لأنّ الأمر الّذى يكون للشّىء من ذاته قبل ما له من غيره قبليّة بالذّات لا
بالزّمان. و كلّ ما كان موجودا بغيره فإنّه يستحقّ العدم لو انفرد، أو لا يكون له
وجود له انفرد. و هذا يقتضى تقدّم لا [15] كونه على كونه [16] تقدّما بالذّات [17]، و هذا هو الحدوث الذّاتى.
و لقائل أن يقول [18]: تقدّم عدم الممكن على وجوده ليس
[19] بالعلّيّة [20]،
بل إن كان و لا بدّ فبوجه
[1] - ذلك هدر: ذكر هذا س.: ذلك هذر مج.: هذه هدر ط.