نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 378
ثمّ قدّم لذلك مقدّمة و هى أنّ حقيقته تعالى لا تساوى [1] حقيقة شىء آخر ألبتّة؛ لأنّ ما عداها
من الحقائق مقتضية للإمكان، و حقيقته تعالى منافية للإمكان
[2]. و اختلاف اللّوازم يكشف عن اختلاف الملزومات.
و أمّا قوله: «و أمّا الوجود فليس
بماهيّة لشىء، و لا جزءا [3] من ماهيّة شىء [4]، أعنى [5]
الأشياء الّتى لا يدخل الوجود في مفهومها [6]، بل هو طارىء عليها»
؛ فاعلم أنّ هذا الكلام كأنّه جواب عن سؤال من يقول: إنّك ذكرت أنّ
حقيقته تعالى لا تساوى [7]
حقيقة غيرها ألبتّة، و هذا لا يستقيم على قولك، لأنّ من
[8] مذهبك أنّ الوجود [9] الواجب يساوى الوجود [10] الممكن في كونه وجودا. ثمّ إنّه ليس مع ذلك الوجود شىء آخر، بل
ذاته تعالى مجرّد الوجود. و إذا كان كذلك، كان وجود جميع أشخاص [11] الممكنات مساويا في تمام الحقيقة
لتمام ذاته تعالى. ثمّ أجاب عنه: بأنّ الوجود في الممكنات ليس نفس حقائقها [12]، بل هو أمر عارض [13] لماهيّاتها
[14].
و هذا الجواب في غاية الضّعف، لأنّه يقال: هب أنّ الوجود عارض
لماهيّات [15] الممكنات، و لكن كونه عارضا لا يخرجه
عن كونه في نفسه ماهيّة؛ لأنّ المعروض كما أنّ له ماهيّة فكذلك العارض له أيضا
ماهيّة. و إذا كان كذلك، كان لحقيقة البارى تعالى أمور كثيرة تساويها في تمام
حقيقتها.
و أيضا فنقول: إنّك استدللت على كون ماهيّته تعالى مخالفة لسائر
الماهيّات بأنّ ماهيّته تعالى تقتضى الوجوب، و سائر الماهيّات تقتضى الإمكان.
فنقول أيضا: فذاته تعالى تقتضى الوجوب و القيام بالنّفس، و وجودات الممكنات تقتضى
الإمكان و الافتقار إلى الغير. فإن كان الاستدلال بالاختلاف في اللّوازم على
اختلاف الملزومات [16] صحيحا، وجب القطع بأنّ ذات اللّه [17] تعالى غير