نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 374
لا يقال: لم لا يجوز أن يقال: تلك الماهيّة و إن كانت ممكنة لأجل
افتقارها إلى كلّ [1] واحد من أجزائها، لكنّها واجبة بمعنى
الاستغناء عن السبب الخارجى. و ذلك لأنّ أجزاءها واجبة، و يلزم من وجوب أجزائها [2] وجوبها
[3]، و استغناؤها عن السبب.
فنقول: [4]
إن كان الواجب من تلك الأجزاء ليس إلّا الواحد و الباقى معلولاته، و ذلك الجزء
الواحد بسيط [5]، كان الشّىء الّذى هو واجب الوجود
بسيطا؛ و هو المطلوب. و إن كان الواجب منها أكثر من الواحد كان واجب الوجود أكثر
من واحد؛ و قد ثبت فساد ذلك. و عند هذا يظهر أنّ هذه المسئلة مبنيّة على الّتى
قبلها، فلذلك [6] أخّرها الشّيخ عنها. و لنرجع إلى شرح
المتن.
أمّا قوله: «لو التأم ذات واجب الوجود من
شيئين أو أشياء تجتمع، لوجب بها»؛
فاعلم أنّ معناه [7] أنّها لو كانت مركّبة لكانت مفتقرة إلى كلّ واحد من أجزائها.
و أمّا قوله: «و لكان الواحد منها،
أو كلّ واحد منها قبل واجب [8] الوجود، و مقوّما لواجب الوجود»
؛ فمعناه [9]
أنّه إذا كانت الجملة مفتقرة إلى تلك الآحاد كان كلّ واحد من تلك الآحاد متقدّما
على واجب الوجود و مقوّما له، لكن ذلك محال. فواجب الوجود إذن غير منقسم أصلا.
ثمّ لقائل أن يقول: لم قال: «و لكان الواحد منها [10]، أو كلّ واحد منها قبل واجب [11] الوجود»، و ما الفائدة في هذا التّرديد؟
فنقول: إنّ من المركّبات ما [12] يتقدّم عليها كلّ واحد من أجزائها، و هو ظاهر. و منها ما لا يكون
كذلك، كالجسم على مذهب الشّيخ. فإنّه مركّب من الهيولى و الصّورة، و الهيولى لا
تتقدّم بالوجود على الجسم لأنّ الهيولى شىء بالقوّة، و متى حصلت بالفعل فهو الجسم.
فإذن ليس للهيولى تقدّم بالوجود على الجسم [13]، و إن كان جزءا له. فههنا جميع أجزاء المركّب غير سابق عليه، بل
البعض دون البعض. و هذا الكلام و إن كنّا لا نعتقد فيه، و لكن تفسير كلام الرّجل [14] بما يوافق أصوله هو الواجب.