نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 36
الصّورة الجسميّة في المادّة الواحدة، إلّا أنّها تكون خارجة عن
ماهيّة الصّورة الجسميّة و عن وجودها. و أمّا الفصل فهو و إن كان خارجا عن ماهيّة
الجنس، لكنّه داخل في وجوده. فإذن الجسميّة طبيعة نوعيّة محصّلة، لأنّها غنيّة عن
الصّور النّوعيّة [1]
المقارنة لها [2] فى ماهيّتها و في وجودها [3]، بل لا تعلّق بينها و بين الصّورة [4] النّوعيّة إلّا مجرّد حلولهما [5] فى محلّ واحد. و أمّا الجنس فإنّه
طبيعة غير محصّلة بدون الفصل، لأنّه و إن كان غنيّا في ماهيّته عن الفصل، لكنّه
غير غنىّ عنه في وجوده. فظهر أنّ الجسميّة طبيعة نوعيّة محصّلة و أنّه لا اختلاف
فيها إلّا بأمور خارجة عنها، بخلاف الجنس فإنّه طبيعة غير محصّلة [6] و الاختلاف فيه إنّما يكون بالفصول
المنوّعة [7]، فظهر الفرق. فهذا هو المراد من قول
الشّيخ: «لأنّها [8]
طبيعة نوعيّة [9] محصّلة تختلف بالخارجات عنها دون
الفصول».
و اعلم أنّ هذا الفرق لا يعجبنى، و ذلك لأنّ الفصل خارج عن ماهيّة
الجنس بالاتّفاق، و هو أيضا خارج عن وجوده الخاصّ. لأنّ الإنسان إذا كان موجودا
فالحيوان الّذى هو جزء من الإنسان يجب أن يكون موجودا. و النّاطق خارج عن الحيوان
من حيث هو حيوان، و عن الوجود من حيث هو وجود، فيكون لا محالة خارجا عن الحيوان
الموجود. و إذا كان كذلك كان الجنس ممتازا في ماهيّته و في وجوده عن الفصل. ثمّ
إنّ الحيوان الّذى هو حصّة الإنسان محتاج
[10] إلى النّاطق، و الحيوان الّذى هو حصّة الفرس مثله، مع أنّه غنىّ عن
النّاطق [11]. فقد وجد مثل الشّىء غنيّا عمّا
احتاج إليه الشّىء [12]،
فقد توجّه النّقض [13].
و أمّا الصّور النّوعيّة فهى مقوّمة للجسميّة و إلّا لم تكن صورة، و بتقدير أن لا
تكون مقوّمة لكن هذا فرق غير قادح [14]. بل الصّحيح في الجواب أن يقال:
إنّ الطّبيعة [15] الجنسيّة لذاتها تكون محتاجة إلى ما يحصّل وجودها، و لكنّها لا تكون
محتاجة لذاتها إلى شىء معيّن، بل إلى شىء ما، أىّ شىء كان. و أمّا الفصل
المعيّن فإنّه لذاته تكون علّة لوجود ذلك الجنس في الخارج. فعلى هذا، الجنس لذاته
علّة للحاجة [16] إلى الفصل المطلق، فلا جرم أبدا
[1] - النوعيّة: الطّبيعيّة م، مص، مج. و أمّا في نسخة مج. صحّح
على الهامش على: «النوعيّة»