نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 34
إن لم تكن الجسميّة غنيّة عن المحلّ كانت محتاجة إلى المحلّ. فهى
أينما [1] وجدت كانت محتاجة إلى المحلّ.
و الحاصل أنا لمّا علمنا في الأجسام القابلة للانفكاك احتياج
جسميّتها إلى محلّ و مادّة [2]، علمنا أنّ الجسميّة لذاتها محتاجة إلى المحلّ. و ذلك يقتضى احتياج
كلّ جسميّة إلى المحلّ، سواء صحّ الانفكاك على ذلك الجسم أو لم يصحّ. و هذا هو
المراد من قول الشّيخ: إنّ الجسميّة [3] طبيعة واحدة، فإذا عرف [4] فى بعض الأحوال حاجتها إلى ما يقوم فيه، عرف [5] أنّ طبيعتها غير مستغنية عمّا يقوم
فيه.
أحدهما، أن يقال: لم قلتم إنّ الجسميّة طبيعة واحدة في الأجسام
كلّها؟ و لا يمكن دعوى البديهة فيه، فإنّا قد بيّنّا أنّ الجسم هو الّذى يقبل
الأبعاد. فههنا أمور ثلاثة: أحدها الأبعاد الثلاثة؛ و الثّانى نفس قابليّة الأبعاد [8] الثّلاثة؛ و الثّالث الشّىء الّذى
عرض له أن كان قابلا للأبعاد الثّلاثة. فأمّا الأبعاد الثّلاثة فليست نفس الجسميّة
عند الحكماء. و أمّا قابليّة الأبعاد الثّلاثة
[9] فقد بيّنّا أنّها ليست صفة ثبوتيّة؛ و بتقدير أن تكون صفة ثبوتيّة
فهى صفة خارجة عن ماهيّة الجسم. فإذن ليست الجسميّة إلّا الأمر الّذى عرض له أن
كان قابلا للأبعاد الثّلاثة، أو ما لأجله حصلت هذه القابليّة [10]. و حقيقة ذلك الأمر [11] غير معلومة لنا؛ لأنّا لا نعلم منه
إلّا أنّه أمر ما يلزمه قبول الأبعاد الثّلاثة. و العلم بكونه لازما لأمر ما [12] ليس علما بماهيّته المخصوصة. و العلم
بقابليّته للأبعاد الثّلاثة علم بلازم من لوازمه. فإذن ماهيّة الجسم غير معلومة
لنا [13]. و إذا كان كذلك فكيف يمكن إدّعاء
العلم الضّرورى بأنّ الجسميّة ماهيّة مشتركة فيما بين الأجسام؟
و لا يمكن أن يقال: إنّ [14] الأجسام لمّا اشتركت في قبول الأبعاد الثّلاثة، و الاشتراك في
اللّوازم