نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 194
فإنّه لا يخرج منه [1] الماء إلّا القليل. و حينئذ لا يفشو فيه من الأجزاء النّاريّة إلّا
القليل، فكان يجب أن لا يتسخّن [2]. و أمّا قوله: «و اعتبر القماقم الصيّاحة»؛ فهو الحجّة الرّابعة. و
أمّا قوله: «و انظر ما بال الجمد يبرّد ما فوقه، و البارد من أجزائه [3] لا يصعد لثقله»؛ فهو الحجّة الخامسة.
[الفصل الرّابع و العشرون [فى إبطال القول بالكمون]]
وهم و تنبيه: أو [4] لعلّك تقول: إنّ النّاريّة
[5] كامنة، يبرّزها الحكّ و الخضخضة من غير تولّد سخونة و لا ناريّة،
فهل يسعك أن تصدّق بوجود جميع النّاريّة المنفصلة عن خشب الغضا فيه مخلّفة [6] لبقيّة منها [7]، فاشية في ظاهر الجمر [8] و باطنه، و تحسّ فاشية في جميع جرم
الزّجاج الذّائب عند استشفاف البصر؟ فلو لم يكن في الخشب من النّاريّة إلّا
الباقى [9] فيه عند التّجمّر لكان لا يسعك أن
تصدّق بكمونه كمونا لا يبرزه رضّ و لا سحق، و لا يلحقه لمس و لا نظر؛ فكيف و لو
كان هناك كمون و بروز [10]
لكان أكثر الكامن برز و فارق؟ ثمّ الكلام بعد هذا
[11] طويل.
التّفسير: الغرض من هذا الفصل إبطال القول بالكمون. و إنّما قال:
«يبرزها الحكّ و الخضخضة»، و أهمل ذكر الخلخلة، لأنّ الحاجة إلى الكمون إنّما كان
في الحكّ و الخضخضة لأنّهما يسخنان [12] جسما باردا: إمّا الأرض، و إمّا الماء؛ فاحتيج إلى ذكر الكمون. و
أمّا الخلخلة فإنّها تسخن الهواء، و لا حاجة بهم فيه إلى ذكر الكمون لأنّ لهم أن
يقولوا: الطّبيعة الهوائيّة مسخّنة. و الطّبيعة الهوائيّة
[13] إذا لم تكن ممنوّة بالمعاوق فإنّها تفعل الفعل على أقوى الوجوه. و
إذا كان كذلك كان تأثير الخلخلة في تصفية الهواء عمّا يخالطه من الأرضيّة و
المائيّة. ثمّ إنّه يسخن بمقتضى طبعه، فليس ذلك من الاستحالة في شىء. و إذا كان
كذلك، كان الخصم [14]
محتاجا إلى القول بالكمون في الحكّ و الخضخضة، و لا حاجة به إليه في الخلخة.