نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 193
تسخّن الماء الّذى في مثل هذا الإناء أولى من تسخّن الماء المحصور في
الإناء المتخلخل المفتوح الرّأس، علمنا أنّ التّسخّن ليس لما قالوه.
الرّابع؛ أنّ القمقمة إذا ملئت ماء، و سدّ رأسها سدّا [1] وثيقا، ثمّ أوقد تحتها نار [2] عظيمة، فإنّها تنشقّ و يخرج منها صوت
عظيم مع أنّ أكثر ما فيها من الماء قد انقلب نارا. و هذه الحجّة [3] قد جعلها فى سائر المواضع [4] دليلا على الكون دون الاستحالة.
الخامس؛ أنّ الجمد يبرد ما فوقه مع أنّ الأجزاء الباردة لا تتصعّد. و
لقائل أن يقول: الّذى يبرّد فوق الجمد ليس إلّا جسم أرضىّ أو هوائىّ. أمّا الجسم
الأرضى فهو بارد بطبعه، فيكون تبرّده [5] ليس بالاستحالة بل بالطبع. و أمّا الهواء
[6] فإن ثبت أنّه بارد بالطّبع لم ينتفع
[7] بالحجّة المذكورة، و إن ثبت أنّه حارّ لم يحتج إلى هذه الحجّة.
فإنّه لا شكّ في [8]
أنّ الهواء قد يبرد [9]،
فإذا كانت طبيعته تقتضى الحرارة كانت برودته على سبيل الاستحالة.
و لنرجع إلى شرح المتن. فأمّا ألفاظ السؤال فبيّنة. و أمّا قوله:
«فاعتبر حال المحكوك و المخلخل و المخضخض حين
[10] يحمى من غير وصول ناريّة غريبة
[11] إليه»؛ فهذا هو الحجّة الأولى. و أمّا قوله: «و اعتبر حال المسخّن
في مستحصف، و في متخلخل، هل يمنع الاستصحاف
[12] نفوذ ما يسخن بالفشو فيه على نسبة قوامه»؛ فهذا هو الحجّة الثّانية.
قال صاحب الصّحاح: استحصف الشّىء إذا [13] استحكم. و معنى الكلام اعتبر حال المائين المسخّن: أحدهما في إناء
مستحصف، و الثّانى في إناء متخلخل؛ فإنّ الاستحصاف يمنع من نفوذ الأجزاء النّاريّة
الّتى لا يتسخّن الماء إلّا بفشوها فيه عند الخصم، فكان يلزم أن لا يسخّن الماء. و
أمّا قوله: «و هل الامتلاء من مصموم معدوم المنفذ يمنع البلاغ في التّسخّن بمنع [14] الفشو إذا كان لا يخرج منه شىء يعتدّ
به حتّى يخلف [15] مكانه فاش يعتدّ به»؛ فهو الحجّة
الثّالثة. و معناه أنّ الآنيّة الّتى لا يكون فيها منفذ اصلا، و صممنا [16] رأسها بشىء صمّا [17] وثيقا،