نام کتاب : شرح الإشارات و التنبيهات نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 2 صفحه : 195
ثمّ نقول: إنّ الشّيخ أبطل الكمون، فإنّا نعلم بالضّرورة أنّ
النّاريّة الّتى تحسّ في جرم الزّجاج المذاب يستحيل أن يقال: إنّها كانت موجودة
فيه عند كونها شفّافة، إذ الشفّاف لا يمنع عن رؤية ما فيه و ما وراه. فلو كانت
النّاريّة المحسوسة عند ذوبانه موجودة فيه لكنّا نحسّ بها. و نعلم بالضّرورة أنّ
جميع النّاريّة المنفصلة عن خشب الغضا لا يمكن أن يقال: إنّها كانت موجودة فيه؛ بل
لو قيل: إنّه ليس فيه من النّاريّة إلّا الباقى عند
[1] التّجمّر؛ لكان ذلك دعوى نعلم فسادها بالضّرورة. إذ لو كانت فيه
أجزاء ناريّة كامنة لكان من الواجب أن تظهر تلك الأجزاء
[2] الكامنة بالرّضّ و السحق [3]، إذ المدّعى لمّا كان وجود أمر محسوس كان عدم الاحساس به دليلا على
عدمه.
و لقائل أن يقول: هذا باطل بالأدوية الحارّة جدّا كالفربيون [4]، فإنّ حرارتها إنّما كانت لما فيها من
الأجزاء النّاريّة. ثمّ إنّ [5] تلك الأجزاء لا تظهر للحسّ
[6] عند السحق [7] و الرّضّ. فإذا جاز [8] ذلك ههنا، فلم لا يجوز مثله في المسئلة
[9]؟ فلئن [10]
قالوا: الفربيون [11]
و أشباهه ليس فيه شىء من الأجزاء النّاريّة، لكن له خاصيّة [12] مقتضية للسّخونة القوّية في بدن الحىّ
عند انفعاله عنه [13]،
كان ذلك قولا بأنّه يسخن بالخاصيّة لا بالكيفيّة. و هذا و إن كان هو الحقّ عندنا
لكن [14] أكثر الأطبّاء لا يقولون به.