- ومتاركتهم للبحث المضموني، لكون منهجهم في الأصل هو مسلك أهل الحديث في الاتجاه الحشوية ومن ثمّ لا يقيمون لبحث المضمون وزناً ولا يتعمّقون في دراسة متن الحديث وعرضه التحليلي على الكتاب والسنّة بل هم يشعلون نائرتهم على السند والطريق كوسيلة لجحود المضمون الذي لا تستهويه نفوسهم ولا تنقاد له عقائدهم وآراؤهم ومن ثمّ يكيّفون الجرح والتعديل وتصحيح الحديث حسب ما يتبنّوه من الآراء.

كما أنّ هنا جهة أخرى من البحث وهو أنّ دراسة مضمون روايات الراوي من المستندات المهمّة في فهم مدرسة الراوي وجرحه وتعديله، فإنّ أكثر الطعون العقائدية مستندة إلى الطعن في مضمون الروايات الّتي يرويها الراوي سواء عند الخاصّة أو العامّة. فبدراسة مضمون روايات راوٍ خاص اتجاهه الفكري والعقائدي والمعرفي وانتمائه إلى المدارس المختلفة آنذاك كما أنّه يمكن عبر هذا المنهج مناقشة بعض الطعون الواردة على بعض الرواة؛ فمثلًا إذا اعتنى راوٍ إلى الروايات الفقهية والأحكام الشرعية فلا يمكن انتسابه إلى فرق الغلاة والطيّارة الّذين لا يبالون بالفروع.

فهنا جهتان من البحث:

الجهة الأولى: في ركنيّة صحّة المضمون وتقدّمها على حجية الصدور وفرعيّة حجيّة الصدور.

الجهة الثانية: في استكشاف الجرح والتعديل من مضمون ما يرويه الراوي نفسه.

*