وذلك عبر أسانيد متّصلة معتبرة- لا ريب أنّه رافع لموضوع مستند قول النجاشي على جميع تقديرات مبنى مستند اعتباره، حيث إنّ إحراز إكثار الرواة عن طريق الحسّ بتوسّط الأسانيد المتّصلة بنحو متكاثر يرفع احتمال وجود القول المخالف لأكثر الأصحاب الذي يدّعى استكشافه من قول النجاشي فكيف بدعوى التواتر والتسالم بينهم.

الثالثة: كيف استظهر قدس سره من كلام النجاشي التعميم في تضعيف الأصحاب له وقد ثبت لديه أنّ ابن أبي عمير وغيره من الأجلّاء قد اعتمدوا عليه.

الرابعة: إنّ هذا المورد ونظيره من عشرات الموارد- بل أكثر مما اختلف فيه النجاشي بالتضعيف لراوٍ مّا مع جملة أصحاب الإجماع والأجلاء الكبار من الرواة حيث اعتمدوا فيه على الراوي نفسه- شاهد على أنّ أقوال النجاشي أو التي ينقلها عن مشايخه هي اجتهادات وحدسيات رجالية وليست نقولًا حسية متصلة إلى المعاصرين لذلك الراوي.

ومنها: في ترجمة أحمد بن محمد بن سيّار بعد أن ذكر تضعيفه من النجاشي والشيخ والغضائري، تعجّب من المحدّث النوري حيث رام إثبات وثاقة الرجل لأجل إكثار الكليني والثقة الجليل ابن ماهيار وابن إدريس والشيخ حسن بن سليمان الحلّي وغيرهم الرواية عنه وقال: «وجه التعجّب من هذا النحرير أنّه رفع اليد عن تصريحات من سمعت بنقل هؤلاء رواياته الذي هو فعل مجمل، وجعل الإصغاء إلى التضعيفات المذكورة ممّا لا ينبغي، وهو كماترى، إذ كيف يقابل القول الصريح بعدم الاعتماد عليه بالفعل الظاهر» [1].

وفيه- مضافاً إلى ما مرّ- نقطة خامسة وهي: أنّ عمل هؤلاء الأجلّة

[1] - تنقيح المقال/ الطبعة الجديدة/ 7/ 355- 356.