أقتُبس إسم السورة من قصة مشهورة عند العرب، وقد بين القرآن عبرتها
الأساسية، وهي قصة حضارة سبأ، التي دمرت بسيل العرم لانحرافها وفسادها.
تتشابه آيات الذكر في بيان مسؤولية الإنسان عن أفعاله، وتفنيد
الأعذار التي يتشبث بها البشر للفرار عنها بزعمه.
ومن غرر السور التي تزرع الإحساس بالمسؤولية الذي لو ترسخ في قلب
الإنسان لزكاه، وأصلح أعماله، هي سورة (سبأ) التي تذكرنا أيضاً بالوحي المنزل على
النبي (ص).
وواقع الجزاء (المسؤولية) تجل لاسمي الحكيم الخبير اللذين نحمد الله
بهما، فهو العالم بما يلج في الأرض ومايخرج منها (الآيات: 1- 2). وعند قيام الساعة
يتجلى الجزاء بأبرز صوره، حيث لا ينفع تشكيك الكفار بها، وحيث يحيط الرب علماً بكل
شيء، لا يعزب عنه مثقال ذرة؛ وحيث الجزاء الوافر للصالحين، والعذاب الأليم لمن
يسعون في آيات الله معاجزين (معاندين ومتحدّين) (الآيات: 3- 5).
وينقسم الناس فريقين تجاه الوحي؛ فبينما يراه أهل العلم هو الحق، يستهزئ
به الكفار، ويقولون: هل الرسول مفتر أم به جنة؟ كلا؛ بل إنهم لا يؤمنون بالآخرة،
فهم