لأن الحقيقة واحدة تنبسط فتصبح مفصلات، وتتركز فتكون هدى وبينات، فإن
القرآن قد يبسطها عبر آياته كما في سورة البقرة، وقد يجملها في سورة قصيرة كما في
سورة القدر التي لو تدبرنا فيها بعمق لقرأنا فيها آيات الكتاب جميعا.
لقد أنزل الله كتابه في ليلة القدر التي هي عظيمة لا يكاد يحيط العقل
بأبعادها، لأنها خير من ألف شهر. لماذا؟ لأنها ميعاد الإنسان الصالح مع ملائكة
الله وأعظم منهم مع الروح .. وهم حين يهبطون ينزلون بما يقدر الله من كل أمر.
في هذه الليلة التي تتواصل ملائكة الله والروح مع عباد الله الصالحين
في الأرض تتجلى رحمة الله وبركاته ومغفرته التي تتمثل في كلمة (السلام) وتستمر
الليلة حتى مطلع الفجر.
وهكذا بينت هذه السورة كيف يتم الاتصال بين الإنسان وبين ملائكة الله
والروح .. وهذه الصلة التي تتجلى في القرآن كما في الأقدار الحكيمة والبركات هي من
أعظم الحقائق القرآنية.