حدّثني
الصّوليّ قال حدّثني أحمد بن يزيد المهلّبيّ قال: أوّل قصيدة أنشدها أبي في
المنتصر بعد أن ولي الخلافة:
ليهنك ملك بالسعادة طائره
موارده محمودة و مصادره
فأنت الذي كنّا مرجّى فلم نخب
كما يرتجى من واقع الغيب باكره
بمنتصر باللّه تمّت أمورنا
و من ينتصر باللّه فاللّه ناصره
فأمر المنتصر
عريب أن تغنّي نشيدا في أوّل الأبيات و تجعل البسيط في البيت الأخير؛ فعملته و
غنّته به.
حدّثني
الصّوليّ قال حدّثني أحمد بن يزيد قال: صلّى المنتصر بالناس في الأضحى سنة سبع و
أربعين و مائتين؛ فأنشده أبي لمّا انصرف:
ما استشرف الناس عيدا مثل عيدهم
مع الإمام الذي باللّه ينتصر
غدا بجمع كجنح الليل يقدمه
وجه أغرّ كما يجلو الدّجى القمر
يؤمّهم صادع بالحق أحكمه
حزم و علم بما يأتي و ما يذر
لو خيّر الناس فاختاروا لأنفسهم
أحظّ منك لما نالوه ما قدروا
قال: فأمر له
بألف دينار، و تقدّم إلى ابن المكّيّ أن يغنّي في الأبيات.
غناه بنان بن
عمرو بشعر مروان فأمره ألا يغني في شعر آل أبي حفصة:
حدّثني
الصّوليّ قال حدّثني الحسين بن يحيى قال حدّثني بنان بن عمرو المغنّي قال: غنّيت
يوما بين يدي المنتصر:
هل تطمسون من السماء نجومها
بأكفّكم أو تسترون هلالها
فقال لي: إيّاك
و أن تغنّي بحضرتي هذا الصوت و أشباهه، فما أحبّ أن أغنّى إلّا [1] في أشعار آل
أبي حفصة خاصّة.
غناء المعتز
باللّه:
و ممن هذه
سبيله في صنعة الغناء المعتزّ باللّه:
فإني لم أجد له
منها شيئا إلا ما ذكره الصّوليّ في أخباره؛ فأتيت بما حكاه للعلّة التي قدّمتها من
أنّي كرهت أن يخلّ الكتاب بشيء قد دوّنه الناس و تعارفوه. فممّا ذكر أنه غنّى
فيه:
صوت
لعمري لقد أصحرت خيلنا
بأكناف دجلة للمصعب
فمن يك منّا يبت آمنا
و من يك من غيرنا يهرب
[1]
لعله: «فما أحب أن أغني في أشعار إلخ» بحذف «إلا»؛ لأن هذا البيت من قصيدة مشهورة لمروان
بن أبي حفصة مطلعها: