غنت هي و
أختها ريا في شعر لابن قيس الرقيات و للأحوص و أجادتا في شعر الأحوص فحسده ابن
قيس
: و أخبرني
الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال حدّثني الجمحيّ قال:
كانت سلّامة و
ريّا أختين، و كانتا من أجمل النساء و أحسنهن غناء. فاجتمع الأحوص و ابن قيس
الرقيّات عندهما؛ فقال لهما ابن قيس الرقيّات: إنّي أريد أن أمدحكما بأبيات و أصدق
فيها و لا أكذب؛ فإن أنتما غنّيتماني بذلك و إلّا هجوتكما و لا أقربكما. قالتا:
فما قلت؟ قال قلت:
فغنّته سلّامة
و استحسنتاه. و قالتا للأحوص: ما قلت يا أخا الأنصار؟ قال قلت:
صوت
أ سلام هل لمتيّم تنويل
أم هل صرمت و غال ودّك غول
لا تصرفي عنّي دلالك إنّه
حسن لديّ و إن بخلت جميل
/ أ زعمت أنّ صبابتي أكذوبة
يوما و أنّ زيارتي تعليل
- الغناء لسلامة القسّ خفيف ثقيل أوّل بالبنصر
عن الهشاميّ و حمّاد. و فيه لإبراهيم لحنان، أحدهما خفيف ثقيل بالبنصر في مجراها
عن إسحاق و عمرو، و الآخر ثقيل أوله استهلال عن الهشاميّ- فغنّت الأبيات. فقال ابن
قيس الرّقيّات: يا سلّامة! أحسنت و اللّه! و أظنّك عاشقة لهذا الحلقيّ [2]! فقال
له الأحوص: ما الذي أخرجك [3] إلى هذا؟
قال: حسن
غنائها بشعرك، فلو لا أنّ لك في قلبها محبّة مفرطة ما جاءها هكذا حسنا على هذه
البديهة. فقال له الأحوص: على قدر حسن شعري على شعرك هكذا حسن الغناء به،/ و ما
هذا منك ألّا حسد، و نبيّن لك الآن ما حسدت عليه. فقالت سلّامة: لو لا أنّ الدخول
بينكما يوجب بغضة لحكمت بينكما حكومة لا يردّها أحد. قال الأحوص: فأنت من ذلك
آمنة. قال ابن قيس الرقيّات: كلّا! قد أمنت أن تكون الحكومة عليك، فلذلك سبقت
بالأمان لها. قال الأحوص: فرأيك يدلّك على أن معرفتك بأنّ المحكوم عليه أنت؛ و
تفرّقا. فلما صار الأحوص إلى منزله جاءه ابن قيس الرقيّات فقرع بابه، فأذن له و
سلّم عليه و اعتذر.