مجلسه
و مجلس الفرزدق، دعا بدهن/ فادّهن و كفّ [1] رأسه، و كان حسن الشّعر، ثم قال: يا
غلام، أسرج لي، فأسرج له حصانا، ثم قصد مجلسهم؛ حتى إذا كان بموضع [2] السلام قال:
يا غلام- و لم يسلّم- قل لعبيد: أبعثك نسوتك تكسبهنّ المال بالعراق! أما و الذي
نفس جرير بيده لترجعنّ إليهنّ بمير يسوؤهن و لا يسرّهنّ! ثم اندفع فيها فأنشدها.
قال: فنكس الفرزدق و راعى الإبل و أرمّ [3] القوم، حتى إذا فرغ منها سار [4]، و
ثبت راعي الإبل ساعة ثم ركب بغلته بشرّ و عرّ و خلّى المجلس حتى ترقّى إلى منزله
[5] الذي ينزله ثم قال لأصحابه: ركابكم ركابكم، فليس لكم هاهنا مقام، فضحكم و
اللّه جرير! فقال له بعض القوم: ذاك شؤمك و شؤم ابنك. قال: فما كان إلا ترحّلهم.
قال فسرنا إلى أهلنا سيرا ما ساره أحد، و هم بالشّريف و هو أعلى دار بني نمير.
فيحلف باللّه راعى الإبل إنّا وجدنا في أهلنا:
فغضّ الطّرف
إنك من نمير و أقسم باللّه ما بلّغه إنسيّ قطّ، و إنّ لجرير لأشياعا من الجنّ.
فتشاءمت به بنو نمير و سبّوه و ابنه، فهم يتشاءمون به إلى الآن.
قال قصيدته
في هجو الراعي عند رجل من أنصاره
: أخبرني أحمد
بن عبيد اللّه بن عمّار قال حدّثني عليّ بن محمد النّوفليّ عن أبيه قال حدّثني
مولى لبني كليب بن يربوع كان يبيع الرّطب بالبصرة أنسيت اسمه قال:
/ كنت أجمع شعر
جرير و أشتهي أن أحفظه و أرويه. فجاءني ليلة فقال: إن راعي الإبل النّميريّ قد
هجاني، و إنّي آتيك الليلة فأعدّ لي شواء رشراشا [6] و نبيذا مخفسا [7]؛ فأعددت له
ذلك. فلما أعتم جاءني فقال: هلمّ عشاءك، فأتيته به، فأكل ثم قال: هلمّ نبيذك،
فأتيته به، فشرب أقداحا ثم قال: هات دواة و كتفا [8]؛ فأتيته بهما، فجعل يملي عليّ
قوله:
أقلّي اللوم عاذل و العتابا
و قولي إن أصبت لقد أصابا
حتى بلغ إلى
قوله:
فغضّ الطّرف
إنك من نمير فجعل يردّده و لا يزيد عليه حتى حملتني عيني، فضربت بذقني صدري نائما،
فإذا به قد وثب حتى أصاب السّقف رأسه و كبّر ثم صاح: أخزيته و اللّه! أكتب: