المغرب
و أقمت بمكاني حتى صلّيت العشاء الآخرة على جوع و تعب. و انصرف أهل المسجد و بقي
رجل يصلّي، خلفه جماعة خدم و خول [1] ينتظرون فراغه؛ فصلّى مليّا ثم انصرف؛ فرآني
فقال: أحسبك غريبا؟ قلت: أجل.
قال: فمتى كنت
في هذه المدينة؟ قلت: دخلتها آنفا، و ليس لي بها منزل و لا معرفة، و ليست صناعتي
من الصنائع التي يمتّ بها إلى أهل الخير. قال: و ما صناعتك؟ قلت: أتغنّى. قال:
فوثب مبادرا و وكّل بي بعض من معه.
فسألت الموكّل
بي عنه فقال: هذا سلّام [2] الأبرش. قال: و إذا رسول قد جاء في طلبي فانتهى بي إلى
قصر من قصور الخلافة، و جاوز بي [3] مقصورة إلى مقصورة، ثم أدخلت مقصورة في آخر
الدهليز؛ و دعا بطعام فأتيت بمائدة عليها من طعام الملوك، فأكلت حتى امتلأت. فإني
لكذلك إذ سمعت ركضا في الدهليز و قائلا يقول: أين الرجل؟
قيل: هو هذا.
قال: ادعوا له بغسول [4]/ و خلعة و طيب، ففعل ذلك بي. فحملت على دابّة إلى دار
الخلافة- و عرفتها بالحرس و التكبير و النيران- فجاوزت مقاصير عدّة، حتى صرت إلى
دار قوراء [5] فيها أسرّة في وسطها قد أضيف بعضها إلى بعض. فأمرني الرجل بالصعود
فصعدت، و إذا رجل جالس عن يمينه ثلاث جوار في حجورهنّ العيدان، و في حجر الرجل
عود. فرحّب الرجل بي، و إذا مجالس حياله كان فيها قوم قد قاموا عنها. فلم ألبث أن
خرج خادم من وراء الستر فقال للرجل: تغنّ، فانبعث يغنّي بصوت لي و هو:
[9]
الدساتين: هي الرباطات التي توضع الأصابع عليها، واحدها دستان. و أسامي دساتين
العود تنسب إلى الأصابع التي توضع عليها، فأوّلها «دستان السبابة» و يشدّ عند تسع
الوتر، و قد يشدّ فوقه دستان أيضا يسمى «الزائد». ثم يلي دستان السبابة «دستان
الوسطى» و قد توضع أوضاعا مختلفة فأولها يسمى «دستان الوسطى القديمة» و الثاني
يسمى «دستان وسطى الفرس» و الثالث يسمى «دستان وسطى زلزل» لأنه أوّل من شدّه. فأما
الوسطى القديمة فشدّ دستانها على قريب من الربع مما بين دستان السبابة و دستان
البنصر.
و دستان وسطى
الفرس على النصف فيما بينهما على التقريب. و دستان وسطى زلزل على ثلاثة أرباع ما
بينهما إلى ما يلي البنصر بالتقريب. و قد يقتصر من دساتين هذه الوسطيات على واحد و
ربما يجمع بين اثنين منها. ثم يلي دستان الوسطى «دستان البنصر» و يشدّ على تسع ما
بين دستان السبابة و بين المشط. ثم يلي دستان البنصر «دستان الخنصر» و يشدّ على
ربع الوتر. (عن «مفاتيح العلوم» للخوارزمي. و راجع ما كتب في هذا المعنى في تصدير
هذا الكتاب ص 40).
[10] الناشط:
الثور الوحشي و كذلك الحمار الوحشيّ. و الفرد: المنفرد.