-
الشعر لعبيد بن الأبرص. و الغناء لابن جامع ثاني ثقيل من أصوات قليلات الأشباه، عن
إسحاق. و فيه لابن محرز ثقيل أوّل بالبنصر عن عمرو بن بانة. و ذكر يونس أن فيه
لحنا لمعبد و لم يجنّسه. و فيه لحكم هزج بالوسطى عن عمرو و الهشاميّ. و لمخارق في
هذه الأبيات رمل بالبنصر عن الهشاميّ. و ذكر حبش أن الثقيل الأوّل للغريض.
و ذكر الهشاميّ
أن لمتيّم فيها ثاني ثقيل بالوسطى- قال: فقالت أمّ جعفر للرشيد: ما أحسن ما اشتهيت
و اللّه يا أمير المؤمنين!. ثم قالت لمسلم خادمها: ادفع إلى ابن جامع لكل بيت مائة
ألف درهم. فقال الرشيد: غلبتنا يا بنت أبي [1] الفضل و سبقتنا إلى برّ ضيفنا و
جليسنا. فلما خرج، حمل إليها مكان كلّ درهم دينارا.
أخذ صوتا من
جارية بثلاثة دراهم فأخذ به من الرشيد ثلاثة آلاف دينار:
أخبرنا أحمد بن
عبيد اللّه بن عمّار قال أخبرني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور قال حدّثني محمد بن
ضوين الصّلصال التّيميّ قال حدّثني إسماعيل بن جامع السّهميّ قال:
ضمّني الدهر
[2] ضمّا شديدا بمكة، فانتقلت منها بعيالي إلى المدينة، فأصبحت يوما و ما أملك إلا
ثلاثة دراهم. فهي في كمّي إذا أنا بجارية حميراء على رقبتها جرّة تريد الرّكيّ [3]
تسعى بين يديّ و ترنّم بصوت شجيّ تقول:
قال: فأخذ
الغناء بقلبي و لم يدر لي منه حرف. فقلت: يا جارية، ما أدري أوجهك أحسن أم غناؤك!
فلو شئت أعدت؛ قالت: حبّا و كرامة. ثم أسندت ظهرها إلى جدار قرب منها و رفعت إحدى
رجليها فوضعتها على الأخرى، و وضعت الجرّة على ساقيها ثم انبعثت تغنّيه؛ فو اللّه
ما دار لي منه حرف؛ فقلت: أحسنت! فلو شئت أعدتيه مرّة أخرى! ففطنت و كلحت و قالت:
ما أعجب أمركم! أحدكم لا يزال يجيء إلى الجارية عليها الضّريبة فيشغلها! فضربت
بيدي إلى الثلاثة الدراهم فدفعتها إليها، و قلت: أقيمي بها وجهك اليوم إلى أن
نلتقي. قال:
فأخذتها
كالكارهة و قالت: أنت الآن تريد أن تأخذ منّي صوتا أحسبك ستأخذ به ألف/ دينار و
ألف دينار و ألف دينار. قال: و انبعثت تغنّي؛ فأعملت فكري في غنائها حتى دار لي
الصوت و فهمته، و انصرفت مسرورا إلى منزلي أردّده حتى خفّ على لساني. ثم إني خرجت
أريد بغداد فدخلتها، فنزل بي المكاري على باب [5] محوّل؛ فبقيت لا أدري أين أتوجّه
و لا من أقصد. فذهبت أمشي مع الناس، حتى أتيت الجسر فعبرت معهم، ثم انتهيت إلى
شارع المدينة، فرأيت مسجدا بالقرب من دار الفضل بن الربيع مرتفعا؛ فقلت: مسجد قوم
سراة؛ فدخلته، و حضرت صلاة
[1]
كذا في الأصول. و المعروف أن أم جعفر هي زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور
الخليفة العباسي، و أن جعفرا أباها ولد إبراهيم و زبيدة و جعفرا و عيسى و عبيد
اللّه و صالحا و لبانة. (انظر «المعارف» لابن قتيبة ص 192).
[2] يريد
ضغطني و اشتد عليّ، من شدّة الفقر و الحاجة.