طلب
المرقّش حتى أتى المكان، فسأل عن خبره فعرف أنّ مرقّشا كان في الكهف و لم يزل فيه
حتى إذا هو [1] بغنم تنزو على الغار الذي هو فيه و أقبل راعيها إليها. فلما بصر به
قال له: من أنت و ما شأنك؟ فقال له مرقّش: أنا رجل من مراد، و قال للراعي [2]: من
أنت؟ قال: راعى فلان، و إذا هو راعى زوج أسماء. فقال له مرقّش: أ تستطيع أن تكلّم
أسماء امرأة صاحبك؟ قال: لا، و لا أدنو منها؛ و لكن تأتيني جاريتها كلّ ليلة فأحلب
لها عنزا فتأتيها بلبنها.
فقال له: خذ
خاتمي هذا، فإذا حلبت فألقه في اللبن، فإنها ستعرفه، و إنك مصيب به خيرا لم يصبه
راع قطّ إن أنت فعلت ذلك. فأخذ الراعي الخاتم. و لما راحت الجارية بالقدح و حلب
لها العنز طرح الخاتم فيه؛ فانطلقت الجارية به و تركته بين يديها. فلما سكنت
الرّغوة أخذته فشربته، و كذلك كانت تصنع، فقرع الخاتم ثنيّتها، فأخذته و استضاءت
بالنار فعرفته؛ فقالت للجارية:/ ما هذا الخاتم؟ قالت: ما لي به علم؛ فأرسلتها إلى
مولاها و هو في شرف [3] بنجران؛ فأقبل فزعا؛ فقال لها: لم دعوتني؟ قالت له: ادّع
عبدك راعي غنمك فدعاه؛ فقالت: سله أين وجد هذا الخاتم! قال: وجدته مع رجل في كهف
خبّان [4].- قال: و يقال كهف جبار- فقال: اطرحه في اللبن الذي تشربه أسماء فإنك
مصيب به خيرا، و ما أخبرني من هو، و لقد تركته بآخر رمق. فقال لها زوجها: و ما هذا
الخاتم؟
قالت: خاتم
مرقّش، فأعجل السّاعة في طلبه. فركب فرسه و حملها على فرس آخر و سارا حتى طرقاه من
ليلتهما فاحتملاه إلى أهلهما، فمات عند أسماء. و قال قبل أن يموت:
[8] بد: جمع
أبد و الأنثى بداء. و هو كثرة لحم الفخذين حتى تصطكا.
[9] استشهد
بهذا البيت في النحو على حذف الصفة و إبقاء الموصوف، أي لها فرع فاحم و جيد طويل.
إذ هذا البيت للمدح، و هو لا يحصل بإثبات الفرع و الجيد مطلقين بل بإثباتهما
موصوفين بصفتين محبوبتين.