أحدهما:
هذا كعبي أعطانيه أبي من الكبش الذي دفنوه و قالوا إذا جاء مرقّش أخبرناه أنه قبر
أسماء. فكشف مرقّش عن رأسه و دعا الغلام- و كان قد ضني ضنا شديدا- فسأله عن الحديث
فأخبره به و بتزويج المراديّ أسماء؛/ فدعا مرقّش وليدة له و لها زوج من غفيلة [1]
كان عسيفا [2] لمرقّش، فأمرها بأن تدعو له زوجها فدعته، و كانت له رواحل فأمره
بإحضارها ليطلب المراديّ [عليها] [3] فأحضره إياها، فركبها و مضى في طلبه، فمرض في
الطريق حتى ما يحمل إلا معروضا. و إنهما نزلا كهفا بأسفل نجران، و هي أرض مراد، و
مع الغفليّ [4] امرأته وليدة مرقّش؛ فسمع مرقّش زوج الوليدة يقول لها: اتركيه/ فقد
هلك سقما و هلكنا معه ضرّا و جوعا. فجعلت الوليدة تبكي من ذلك؛ فقال لها زوجها:
أطيعيني، و إلا فإني تاركك و ذاهب. قال: و كان مرقّش يكتب، و كان أبوه دفعه و أخاه
حرملة- و كانا [5] أحبّ ولده إليه- إلى نصرانيّ من أهل الحيرة فعلّمهما الخطّ.
فلما سمع مرقّش قول الغفليّ [4] للوليدة كتب مرقّش على مؤخّرة الرحل هذه الأبيات:
قال: فانطلق
الغفليّ و امرأته حتى رجعا إلى أهلهما، فقالا: مات المرقّش. و نظر حرملة إلى
الرّحل و جعل يقلّبه فقرأ الأبيات، فدعاهما و خوّفهما و أمرهما بأن يصدقاه ففعلا،
فقتلهما. و قد كانا وصفا له الموضع، فركب في
[1]
في أكثر الأصول: «عقيلة». و في ح: «عقيل» (بالعين المهملة و القاف). و في «تجريد
الأغاني»: «عفيل» (بالفاء). و التصويب عن «المفضليات» و «كتاب المعارف» و
«القاموس». و غفيلة: حي من ولد عمرو بن قاصد و لهم عدد بالجزيرة في بني تغلب.
[2] كذا في ح
و «تجريد الأغاني» و «المفضليات». و العسيف: الأجير و العبد المستعان به. و في
سائر الأصول: «عشيقا» و هو تصحيف.
[4] في
الأصول هنا و فيما يأتي: «العقيلي» و التصويب عن «المفضليات».
[5] كذا في
ب، س. و في سائر الأصول و «المفضليات» و «تجريد الأغاني»: «و كان ... إلخ».
[6] في هذا
البيت عدة روايات ذكرها ابن الأنباري شارح «المفضليات». (ص 458 طبع مطبعة الآباء
اليسوعيين ببيروت).
[7] كذا في
«المفضليات» و «لسان العرب» مادة «فرط». و قد وردت هذه الكلمة في سائر الأصول
محرّفة.
[8] قال صاحب
«المفضليات» في التعليق على هذا البيت: «قال أبو عكرمة: يفرط: يقدّم، مأخوذ من
الفارط و هو المتقدّم قبل الماشية يصلح الدلاء و الأرشية و الحياض. يقول: لعل
انتظاركما يقدّم عنكما مكروها. و لعل سيبا مقبلا يكون بعد عجلتكما، فانتظاركما
أوفق. قال: و قال أبو عمرو: الإفراط: التقدّم و العجلة، يقول إن أبطأتما فعرض لكما
شر فلعله أن يخطئكما و إن تقدّمتما فعرض خير بعدكما فلعله لا يصادفكما».